هام

بعد إغلاق قناتنا على يوتيوب بسبب تناول الحرب في غزة والتى كانت تحتوى على أكثر من 2 مليون مشترك نؤكد أننا نواصل دعم القضية الفلسطينية حيث يتعرض قطاع غزة لحملة همجية وعسكرية شرسة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وبصورة ترسل عنوانا واضحا لهذه الهجمة أن هذه الهجمة تهدف لتدمير قطاع غزة كليا وتفريغه من سكانه.
مدير الموقع : مفاجاة لمتابعينا ..سيتم انشاء قسم خاص بعظماء الجزائر انتاج مرئي وثائقي وبيان كيفية نهوض هذا الشعب بعد 120 سنة من الإحتلال والظلم والقهر فانتظرونا في عمل سيكون الأول من نوعه ...

صفحتنا على الفيس

التوحيد وأقسامه


اعلم أن التوحيد الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب ينقسم إلى أقسام ثلاثة، حسب استقراء النصوص من الكتاب والسنة وحسب واقع المكلفين.
القسم الأول: توحيد الربوبية:
وهو توحيد الله بأفعاله سبحانه، وهو الإيمان بأنه الخالق الرازق المدبر لأمور خلقه ، المتصرف في شئونهم في الدنيا والآخرة لا شريك له في ذلك ،كما قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:62]، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ} [يونس:3] . وهذا النوع قد أقر به المشركون عباد الأوثان، وإن جحد أكثرهم البعث والنشور ولم يدخلهم في الإسلام، لشركهم بالله في العبادة وعبادتهم الأصنام والأوثان معه سبحانه وعدم إيمانهم بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني: توحيد العبادة :
ويسمى توحيد الألوهية: وهي العبادة. وهذا القسم هو الذي أنكره المشركون فيما ذكر الله عنهم سبحانه بقوله : {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:4-5]. وأمثالها كثيرة وهذا القسم يتضمن إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها وأن عبادة ما سواه باطلة، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود إلا الله ،كما قال الله عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} [الحج:62].
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات:
وهو الإيمان بكل ما ورد في كتاب الله العزيز، وفي السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسماء الله وصفاته، وإثباتها لله سبحانه على الوجه الذي يليق به من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص]. وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]. وقال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:180]. وقال سبحانه في سورة النحل: {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل:60]. والآيات في هذا المعنى كثيرة. والمثل الأعلى هو الوصف الأعلى الذي لا نقص فيه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان ،يمرون آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ويثبتون معانيها لله سبحانه إثباتا بريئا من التمثيل، وينزهون الله سبحانه عن مشابهة خلقه وهم المذكرون في قوله سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100]. جعلنا الله منهم بمنه وكرمه والله المستعان.
  #3  
قديم 1 ذو الحجة 1429هـ/29-11-2008م, 12:35 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,062
افتراضي التعليقات المختصرة للشيخ: صالح بن فوزان الفوزان
(1) نَقُولُ فِي توحيدِ اللهِ مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللهِ: إنَّ اللهَ واحِدٌ لا شَرِيكَ لَهُ.
(2) ولا شيءَ مِثْلُهُ.
(3) ولا شيءَ يُعْجِزُهُ.
(4) ولا إلهَ غَيْرُهُ.


(1) (نَقُولُ): أي؛ نَعْتَقِدُ (في توحيدِ اللَّهِ) عَزَّ وَجَلَّ.
والتوحيدُ لُغَةً: مَصْدَرُ وَحَّدَ، إذا جَعَلَ الشيءَ وَاحِدًا.
وَشَرْعًا: إِفْرَادُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالعِبَادةِ، وَتَرْكُ عِبَادَةِ ما سِوَاهُ.
وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ من كتابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا مَا تَقَرَّرَ عليهِ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ، فَمَنْ زَادَ قِسْمًا رَابِعًا أو خَامِسًا فهو زِيَادَةٌ من عِنْدِهِ؛ لأَنَّ الأَئِمَّةَ قَسَّمُوا التوحيدَ إلى أقسامٍ ثَلَاثَةٍ من الكتابِ والسُّنَّةِ. فَكُلُّ آياتِ القرآنِ والأحاديثِ في العقيدةِ لا تَخْرُجُ عن هذهِ الأقسامِ الثلاثةِ.
الأَوَّلُ: تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ: وهو توحيدُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِفْرَادُهُ بِأَفْعَالِهِ: كالخلقِ، والرزقِ، والإحياءِ ،والإماتةِ، وَتَدْبِيرِ الكونِ، فليسَ هناكَ رَبٌّ سِوَاهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، رَبُّ العالَمِينَ.
القسمُ الثاني: تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ: أو تَوْحِيدُ العِبَادَةِ؛ لأَنَّ الأُلُوهِيَّةَ مَعْنَاهَا عبادةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَحَبَّتِهِ وَخَوْفِهِ وَرَجَائِهِ، وطاعةِ أمرِهِ، وتَرْكِ مَا نَهَى عنهُ فهو إِفْرَادُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَفْعَالِ العِبَادِ التي شَرَعَهَا لَهُم.
القسمُ الثالثُ: توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ: وهو إثباتُ ما أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ أو أَثْبَتَهُ لهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأسماءِ والصفاتِ، وَتَنْزِيهُهُ عَمَّا نَزَّه عنهُ نَفْسَهُ، وَنَزَّهَهُ عنهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العيوبِ والنقائصِ.
فَكُلُّ الآياتِ التي تَتَحَدَّثُ عن أفعالِ اللَّهِ فَإِنَّهَا في تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وكُلُّ الآياتِ التي تَتَحَدَّثُ عن العِبَادةِ والأمرِ بها والدعوةِ إليها فَإِنَّهَا في توحيدِ الأُلُوهِيَّةِ ، وَكُلُّ الآياتِ التي تَتَحَدَّثُ عن الأسماءِ والصفاتِ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهَا في توحيدِ الأسماءِ والصفاتِ.
وهذه الأقسامُ الثلاثةُ المطلوبُ منها هو تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ؛ لأنَّهُ هو الذي دَعَتْ إليهِ الرُّسُلُ، وَنَزَلَتْ بهِ الكُتُبُ، وَقَامَ من أَجْلِهِ الجهادُ في سبيلِ اللَّهِ، حتى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَتُتْرَكَ عِبَادَةُ مَا سِوَاهُ.
وَأَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ وَمنه تَوْحِيدُ الأسماءِ والصفاتِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أحدٌ من الخلقِ، وَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذلكَ في آياتٍ كثيرةٍ، ذَكَرَ أَنَّ الكُفَّارَ مُقِرُّونَ بأنَّ اللَّهَ هو الخالقُ الرازقُ، الْمُحْيِي المُمِيتُ، وَالمُدَبِّرُ، فَهُم لا يُخَالِفُونَ فيهِ. وهذا النوعُ إذا اقْتَصَرَ عليهِ الإنسانُ لا يُدْخِلُهُ ذلك في الإسلامِ؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ الناسَ وهم يُقِرُّونَ بتوحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَهُم وَأَمْوَالَهُم. ولو كانَ تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ كَافِيًا لَمَا قَاتَلَهُم الرسولُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ، بلْ ما كانَ هناكَ حَاجَةٌ إلى بِعْثَةِ الرُّسُلِ، فَدَلَّ على أنَّ المقصودَ والمطلوبَ هو توحيدُ الأُلُوهِيَّةِ، أَمَّا تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عليهِ، وآيةٌ لَهُ، وَلِذَلِكَ إِذَا أَمَرَ اللَّهُ بِعِبَادَتِهِ ذَكَرَ خَلْقَهُ لِلسَّماواتِ والأَرْضِ، وَقِيَامَهُ سُبْحَانَهُ بِشُؤُونِ خَلْقِهِ، بُرْهَانًا على توحيدِ الأُلُوهِيَّةِ إِلْزَامًا للكفارِ والمشركينَ، الذينَ يَعْتَرِفُونَ بالرُّبُوبِيَّةِ وَيُنْكِرُونَ الأُلُوهِيَّةَ، وَلَمَّا قَالَ لَهُم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) ، قَالَوا : {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزُّمَر: 45] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ}. [الصَّافَّات: 35-36] . فَهُم لا يُرِيدُونَ تَوْحِيدَ الأُلُوهِيَّةِ، بل يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ الآلِهَةُ مُتَعَدِّدَةً، وَكُلٌّ يَعْبُدُ ما يُرِيدُ. فَيَجِبُ أنْ يُعْلَمَ هذا، فَإِنَّ كُلَّ أصحابِ الفِرَقِ الضَّالَّةِ؛ الحديثةِ والقديمةِ، يُرَكِّزُونَ على توحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، فَإِنَّهُ إذا أَقَرَّ العبدُ عِنْدَهُم بِأَنَّ اللَّهَ هو الخالقُ الرازقُ، قالوا: هذا مُسْلِمٌ، وَكَتَبُوا بذلكَ عَقَائِدَهُم، فَكُلُّ عقائِدِ المُتَكَلِّمِينَ لَا تَخْرُجُ عن تَحْقِيقِ توحيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَالأَدِلَّةِ عَلَيْهِ. وَهَذَا لا يَكْفِي، بلْ لَا بُدَّ من الأُلُوهِيَّةِ، قالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النَّحْل: 3]. يَأْمُرُونَ الناسَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وهي توحيدُ الأُلُوهِيَّةِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأَنْبِيَاء: 25]، { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النِّسَاء: 36].
كُلُّ الآياتِ تَأْمُرُ بِتَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ وَتَدْعُو إليهِ، وَجَمِيعُ الرُّسُلِ دَعَوْا إِلَى تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ وَأَمَرُوا به أُمَمَهُم، وَنَهَوْهُم عن الشِّرْكِ، هذا هو المطلوبُ والغايَةُ والقصدُ من التوحيدِ، وَأَمَّا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فَأَنْكَرَهُ المُبْتَدِعَةُ من الجَهْمِيَّةِ وَالمُعْتَزِلَةِ والأَشَاعِرَةِ، على تَفَاوُتٍ بَيْنَهُم في ذلكَ.
وَقَوْلُهُ : (نَقُولُ): أي يَقُولُ مَعْشَرُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ.
(مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ) : العقيدةُ والتوحيدُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. سَوَاءٌ سُمِّيَتْ عَقِيدَةً أو تَوْحِيدًا أو إِيمَانًا، فَالمَعْنَى واحدٌ وإن اخْتَلَفَت الأَسْمَاءُ.
وَقَوْلُهُ: (بِتَوْفِيقِ اللَّهِ) :هَذَا تَسْلِيمٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَضَرُّعٌ إلى اللَّهِ، وَتَبَرُّؤٌ من الحَوْلِ والقوَّةِ، فالإنسانُ لَا يُزَكِّي نَفْسَهُ، وإِنَّمَا يقولُ: بِتَوْفِيقِ اللَّهِ، بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، بِحَوْلِ اللَّهِ، هذا أَدَبُ العلماءِ رَحِمَهُم اللَّهُ.
(إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ) :هذا هوَ التوحيدُ؛ واحدٌ في رُبُوبِيَّتِهِ، وَاحِدٌ في أُلُوهِيَّتِهِ، وَوَاحِدٌ في أَسْمَائِه وَصِفَاتِهِ.

(2) مَأْخُوذٌ من قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى:11] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإِخْلَاص:4] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَادًا} [البَقَرَة: 22] ، أي شُبَهَاءَ وَنُظَرَاءَ.
وَقَوْلِهِ تَعَالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مَرْيَم: 65] ، أي: مُمَاثِلٌ يُسَامِيهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَالتَّمْثِيلُ والتشبيهُ مَنْفِيَّانِ عن اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. لا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ من خَلْقِهِ، وهذا هو الواجبُ أَنْ نُثْبِتَ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ لنفسِهِ وَنَعْتَقِدَهُ وَلَا نُشَبِّهَهُ بِأَحَدٍ من خَلْقِهِ، ولا نُمَثِّلَهُ بِخَلْقِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا فيه رَدٌّ على المُشَبِّهَةِ الذين يَعْتَقِدُونَ أنَّ اللَّهَ مِثْلُ خَلْقِهِ، ولا يُفَرِّقُونَ بينَ الخالقِ والمَخْلُوقِ، وهو مَذْهَبٌ بَاطِلٌ.
وَفِي مُقَابِلِهِ مَذْهَبُ المُعَطِّلَةِ؛ الذينَ غَلَوْا في التَّنْزِيهِ حَتَّى نَفَوْا عن اللَّهِ ما أَثْبَتَهُ من الأسماءِ والصفاتِ؛ فِرَارًا من التشبيهِ بِزَعْمِهِم.
فَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ غَلَتْ، المُعَطِّلَةُ غَلَوْا في التَّنْزِيهِ وَنَفْيِ المُمَاثَلَةِ، والمُشَبِّهَةُ غَلَوْا في الإثباتِ، وَأَهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ تَوَسَّطُوا؛ فَأَثْبَتُوا ما أَثْبَتَهُ اللَّهُ لِنَفْسِهِ على مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، من غيرِ تَشْبِيهٍ ولا تَعْطِيلٍ على حَدِّ قولِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشُّورَى: 11].
فَقَوْلُهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} نَفْيٌ لِلتَّشْبِيهِ، وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } نَفْيٌ لِلتَّعْطِيلِ، وهذا المَذْهَبُ الذي يَسِيرُ عليهِ أَهْلُ السُّنَّةِ والجماعةِ. ولهذا يُقَالُ: المُعَطِّلُ يَعْبُدُ عَدَمًا، والمُشَبِّهُ يَعْبُدُ صَنَمًا، والمُوَحِّدُ يَعْبُدُ إِلَهًا وَاحِدًا فَرْدًا صَمَدًا.

(3) هذا إثباتٌ لكمالِ قُدْرَتِهِ:
قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المَائِدَة: 120].وَقَالَ تَعَالَى: { وَكَانَ اللَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا } [الكَهْف: 45].وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فَاطِر: 44]. والقَدِيرُ مَعْنَاهُ: المُبَالِغُ في القُدْرَةِ، فَقُدْرَتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يُعْجِزُهَا شَيْءٌ، إذا أَرَادَ شَيْئًا فَإِنَّمَا يقولُ لَهُ: كُنْ فَيَكُونُ. فهذا فيهِ إثباتُ قدرةِ اللَّهِ عَزَّ وجلَّ، وَإِثْبَاتُ شُمُولِهَا، وَعُمُومِهَا لِكلِّ شَيْءٍ.
أَمَّا العبارةُ التي يَقُولُهَا بَعْضُ المُؤَلِّفِينَ: إِنَّهُ على ما يشاءُ قَدِيرٌ. فهذهِ غَلَطٌ؛ لأنَّ اللَّهَ لم يُقَيِّدْ قُدْرَتَهُ بالمشيئةِ، بلْ قالَ: على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَقُلْ مَا قَالَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. إِنَّمَا هذه وَرَدَتْ في قولِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِم إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشُّورَى: 29]؛ لأنَّ الجمعَ لَهُ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ في المستقبلِ، وهو قادرٌ على جَمْعِهِم في ذلكَ الوقتِ، أي أهلِ السَّمَاوَاتِ وأهلِ الأَرْضِ، قالَ تَعَالَى: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ} [الشُّورَى 29].

(4) هذا هو تَوْحِيدُ الأُلُوهِيَّةِ.
(لَا إِلَهَ) :أي لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ (غَيْرُهُ).
أَمَّا إِذَا قُلْتَ: لَا مَعْبُودَ إِلَّا هو, أو لا معبودَ سِوَاهُ، فهذا باطلٌ؛ لأنَّ المعبوداتِ كَثِيرَةٌ من دُونِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فإذا قُلْتَ: لَا مَعْبُودَ إِلَّا اللَّهُ، فقدْ جَعَلْتَ كلَّ المعبوداتِ هِيَ اللَّهُ، وهذا مَذْهَبُ أهلِ وِحْدَةِ الوُجُودِ، فإذا كانَ قَائِلُ ذلكَ يَعْتَقِدُ هذا فهو من أَصْحَابِ أَهْلِ وِحْدَةِ الوجودِ، وأمَّا إنْ كانَ لا يَعْتَقِدُ هذا، إِنَّمَا يقولُهُ تَقْلِيدًا أو سَمِعَهُ من أحدٍ، فهذا غَلَطٌ، وَيَجِبُ عليه تَصْحِيحُ ذلكَ. وبعضُ الناسِ يَسْتَفْتِحُ بهذا في الصلاةِ فَيَقُولُ: ولا مَعْبُودَ غَيْرُكَ، واللَّهُ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ، وَمَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ مَعْبُودٌ بالباطلِ، قالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحَجّ: 62].




ساهم فى نشر الموضوع ليكون صدقة جارية لك.

رابط الموضوع:



لاضافة الموضوع في مدونتك او المنتدى:

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

إعلان دائم

تنوه إدارة الموقع إلى أن جميع الأراء والأفكار المطروحه لاتمثل رأي أو وجهة نظر إدارة الموقع وإنما تقع مسؤليتها القانونية على كاتبها .
جميع الحقوق محفوظه . يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مصدر الأحصائيات جوجل أنت الزائر رقم:

المتواجدون الأن

بإمكانك أن تقلب الكره بالضغط على زرالفأره أو بتحريك عجلة الفأرة للتكبير لترى المتواجيدن كنقاط حمراء