قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن إدارة الرئيس جو بايدن كانت تتطلع إلى إعادة تقييم العلاقة الأمريكية السعودية بدلاً من تمزيقها، عندما سُئل عن سبب عدم فرض الإدارة الأمريكية تكلفة على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الجمعة، بعد ما ورد في تقرير رُفعت عنه السرية بشأن مقتل جمال خاشقجي الصحفي بصحيفة واشنطن بوست.
وأضاف بلينكن، خلال مؤتمر صحفي في وزارة الخارجية: "ما فعلناه من خلال الإجراءات التي اتخذناها هو في الحقيقة ليس قطع العلاقة، ولكن إعادة تقويمها، لنكون أكثر انسجامًا مع مصالحنا وقيمنا. وأعتقد أنه يجب علينا أن نفهم أيضًا أن هذا أكبر من أي شخص".
لطالما كانت صلة ولي العهد بمقتل خاشقجي معروفة لمعظم وكالات المخابرات الغربية، ولكن لم يتم فقط الإعلان عن تلك الصلة.
وكانت جينا هاسبل، التي رأست وكالة المخابرات المركزية الأمريكية منذ عام 2018 حتى وقت سابق من هذا العام، قد سافرت إلى العاصمة التركية أنقرة حيث استمعت هناك إلى الشريط الصوتي المرعب الذي كان بحوزة المخابرات التركية، والذي يظهر لحظات الرعب التي مر بها خاشقجي داخل القنصلية السعودية حيث تمت السيطرة عليه جسدياً وخنقه من قبل عملاء أرسلوا من الرياض.
كما قدمت تركيا التسجيلات الصوتية السرية التي بجوزتها عما جرى داخل القنصلية السعودية إلى أجهزة الاستخبارات الغربية، رغم أن التجسس على الهيئات الدبلوماسية أمر مخالف للأعراف المتبعة لكن تم تجاهل ذلك إلى حد كبير.
وقال بلينكن إن إعادة التقويم هذه مُوجهة إلى السياسات التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، والإجراءات التي اتخذتها.
ومن المهم أن القرارات تهدف فيما يبدو إلى الإبقاء على علاقة عمل مع ولي العهد، الحاكم الفعلي للمملكة، رغم أن المخابرات الأمريكية خلصت إلى أنه وافق على عملية اعتقال أو قتل خاشقجي.
وأوضح بلينكن أن الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن اليوم - بما في ذلك رفع السرية عن تقرير مكتب مدير الاستخبارات الوطنية ونشر العقوبات وقيود التأشيرات على المسؤولين السعوديين - تسعى إلى "منع السلوك المستقبلي".
لم يكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الخيار المفضل لواشنطن ليصبح الملك القادم. كان الرجل المفضل لدى واشنطن هو الأمير محمد بن نايف الذي كان الشخص التالي في ترتيب ولاية العرش حتى أطاح به محمد بن سلمان في عام 2017.
إذن فإن لولي العهد الحالي سجل حافل لدى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
وتم استدراج خاشقجي (59 عاما) إلى القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر تشرين الأول عام 2018 ونفذ قتله فريق من المساعدين المرتبطين بولي العهد. وبعد ذلك قطعوا أوصاله ولم يتم العثور عليها.
لا تزال الولايات المتحدة بحاجة إلى علاقة عمل جيدة مع الديوان الملكي السعودي نظراً للتهديد المستمر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية والإرهاب الذي يعد تنظيم القاعدة مصدر إلهام له، لكنها تفضل كثيرا التعامل مع شخصية موثوقة ومستقرة مثل محمد بن نايف بدلاً من شخصية لا يمكن التنبؤ بها مثل محمد بن سلمان.
ويبدو أن تصرفات بايدن في الأسابيع الأولى من إدارته تهدف إلى الوفاء بوعود حملته الانتخابية لإعادة تنظيم العلاقات مع السعودية بعد أن اتهم منتقدون سلفه دونالد ترامب بالتجاوز عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من جانب السعودية.
مديرة الاستخبارات الوطنية تعترف: تقرير خاشقجي قد يعقد العلاقات الأمريكية السعودية
وأضاف بلينكن أن العلاقات الأمريكية السعودية لا تتعلق فقط بعلاقة الولايات المتحدة مع ولي العهد.
وأعلنت الولايات المتحدة أيضا عن قيود على التأشيرات على دخول 76 سعوديا في إطار سياسة جديدة تستهدف الدول التي تقوم بأنشطة ضد الصحفيين والمعارضين في خارج حدودها. وتشمل مثل تلك الأنشطة جهودا لقمعهم أو مضايقتهم أو مراقبتهم أو تهديدهم أو إيقاع الأذى بهم.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن إدارة بايدن تشهد بالفعل نتائج لإعادة هذا التقييم، لكنه لم يذكر أي إجراء اتخذه ولي العهد السعودي نتيجة لذلك.
فعلى الرغم من سنوات من العقوبات خلص الخبراء مؤخرا إلى أن إيران باتت صاحبة اليد العليا في الشرق الأوسط حيث وسعت نفوذها الاستراتيجي من خلال الميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تاركة السعوديين محاصرين.
وعندما أعلن الرئيس بايدن عن تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية التي تقود حربا في اليمن، سارع المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران إلى الاستفادة من ذلك، فقد تقدموا على عدة جبهات منذ ذلك الحين مدركين أن حظر الأسلحة يحد من قدرة عدوهم.
وأعرب عن أمله في تنهي المملكة العربية السعودية الحرب في اليمن. كما أشار بلينكن إلى العلاقة "المهمة" بين الولايات المتحدة والسعودية وأشار إلى "المصالح المستمرة الهامة".
ويبدو أن تصرفات بايدن في الأسابيع الأولى من إدارته تهدف إلى الوفاء بوعود حملته الانتخابية لإعادة تنظيم العلاقات مع السعودية بعد أن اتهم منتقدون سلفه دونالد ترامب بالتجاوز عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من جانب السعودية.
وأكد بلينكن: "نحن نظل ملتزمين بالدفاع عن المملكة. لكننا نريد أيضًا أن نتأكد، وهذا ما قاله الرئيس منذ البداية، أن العلاقة تعكس بشكل أفضل مصالحنا وقيمنا".
وأعلن بايدن في وقت سابق هذا الشهر وقف الدعم الأمريكي للحملة التي تقودها السعودية في اليمن، مطالبا بوضع نهاية للحرب الدائرة هناك منذ أكثر من ستة أعوام والتي تعتبر على نطاق واسع حربا بالوكالة بين السعودية وإيران.
ساهم فى نشر الموضوع ليكون صدقة جارية لك.
رابط الموضوع:
لاضافة الموضوع في مدونتك او المنتدى:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق