تأملت فى قوله تعالى ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ) وجدت شيئا عجيبا لابد من التوقف معه وتدبره
ان سحرة فرعون كانوا كفارا
واداة فرعون فى التضليل
وجاء بهم فرعون لمواجهة دعوة موسى
ولكن فى لحظة واحدة
عندما تبين للسحرة أن الذي جاءهم به موسى حق لا سحر,
قذف الله فى قلوبهم الهدى
وأيقنوا انه عمل لا يقدر عليه غير الله الخالق الذي فطر السموات والأرض
فى تلك اللحظة التى سجلها القرآن
سجدوا لله,
مذعنين له بالطاعة,
مقرّين لموسى بالذي أتاهم به من عند الله أنه هو الحقّ,
وأن ما كانوا يعملونه من السحر باطل....
. المدهش أنهم فعلوا ذلك علانية أمام فرعون وهم يعلمون شدة جبروت وظلم فرعون
فلم يترددوا ويفكروا فى دراسة المصالح والمفاسد
أو يجتمعوا للمشاورة أو يؤمنوا فى السر دفعا للمفسدة كما يفعل كثير منا الآن أمام الظلم والطغيان
يالها من قوة إيمان تهد جبال الباطل
قال تعالى (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ).
فى المقابل نجد المتوقع من الباطل دائما لايسكت للحق 1_فرعون أعلن طغيانه (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ)
2_ ثم يعلن فرعون الإتهام أنها مؤامرة لقلب نظام الحكم كعادة كل الحكام الطغاة ( إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ)
3_العقوبة الإعدام بالتمثيل بالجثة (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ) الموقف هنا من تكبر وطغيانه واتهام وعقاب لا يستغرب من فرعون والباطل فى كل زمان
ولكن الإجابة كانت مذهلة ممن آمنوا فى لحظة
ولم يحضروا دروس لموسى
ولم يستمتعوا لخطب موسى
ولم يصاحبوا شيخا ويتعلموا على المذهب
بل لم يحفظوا الكتاب الذى جاء به موسى
ولم ينضموا لتنظيم موسى الإيمانى وينالوا من بركات وخير التنظيم
أبدا
إنما هى لحظة ايمان واحدة ملئت قلوبهم حتى فاض الإيمان. فجهروا بالحق بكل ثبات أمام فرعون وطغيانه ولم يرتجفوا ويفكروا فى الإتهام والعقوبة بل قالوا :
( قَالُوا لَا ضَيْرَ ۖ إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ. إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا)
يا الله ما أعظم تلك اللحظة الإيمانية الرائعة التى سجلهتا الملائكة وسجلها القرآن
والتاريخ لم ينساها
لحظة واحدة غمر الإيمان القلب فتحدوا أكبر قوة أمامهم غير مبالين بالموت........
والبعض منا يعكف على الكتب الستة وحفظ المتون ويواظب على خطب الشيوخ
ويحافظ على الإخلاص لجماعته
وعندما يتوجب مواجهة الطغيان يفكر ألف مرة
نعم فأمامه طاغية وسجن واعدام
فيسرع يستدعى كتب الأصول ونظرية المقاصد وشروح الفقهاء على المصالح والمفاسد
ويلتمس فتوى فى أقل المفسدتين ودرء الفاسد مقدم على جلب المصالح ويفكر فى أهله وأولاده وامواله
بل البعض يخاف أن يكتب كلمة ضد الطاغية على وسائل التواصل الإجتماعي منعا للمفسدة.. ...
وهنا سؤال هل سحرة فرعون لم يكونوا متزوجين وعندهم أولاد واموال؟
القرآن لم يذكر ذلك لأنه لا أهمية لذلك الطرح أمام قوة ايمان السحرة التى وقفت باستعلاء أمام طغيان فرعون وصدعت بالحق ولم تتردد لحظة واحدة اوفكرت فى فن الممكن
بل قالت بكل وضوح وقوة لاضير من اتهامك وعقوبتك إنا إلى ربنا منقلبون عائدون راجعون ونطمع ان يغفر لنا سحرنا وكفرنا.... .
ياالله ما أعظم الإيمان حين يستولى على القلب وتهون الدنيا كلها بعذابها وشقائها ولايبقى فى القلب إلا الطمع فى مغفرة الله. اللهم ارزقنا ايمان كسحرة فرعون وتوفنا مسلمين....... كتبه : ممدوح اسماعيل
ساهم فى نشر الموضوع ليكون صدقة جارية لك.
رابط الموضوع:
لاضافة الموضوع في مدونتك او المنتدى:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق