إن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج أخطر وأشر خلق الله عز وجل على الإطلاق بدليل أن نبي الله عيسي بن مريم - عليه السلام - قد هزم المسيح الدجال وأتباعه اليهود الصهاينة ( لعنهم الله) وهم أقوي وأشد من على الأرض بأسا ً في ذلك الوقت ومع ذلك لم يستطيع أن يقاتل هؤلاء الأشرار المفسدين في الأرض وينتصر عليهم وهذا يثبت أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج الذين لا قدرة ولا طاقة لأحد علي قتالهم ، مختلفون تماما عن جميع أجناس البشر الذين يعيشون علي سطح الأرض ولعل ذلك راجع إلي قوتهم وشراستهم القتالية ، وكثرة أعدادهم الهائلة التي تعد بالمليارات ، حتى إن أية قوة بشرية علي وجه الأرض لا تقدر علي قتالهم وهزيمتهم ، فهم أمم وأقوام شديدو القوة والشراسة ويتمتعون بقدرات خارقة للعادة إلي الحد الذي يرهب أعدائهم حتى قيل أنهم ليسوا بشرا ً ..!!
وهناك عدة أدلة من السنة النبوية الشريفة ، والآثار القوية ، تثبت أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج لا قدرة لأحد علي قتالهم وهي ما يلي :
1- قال الإمام/ مسلم - رحمه الله - في" صحيحة " ما نصه : (عن النواس بن سمعان أن رسول الله قال : وذكر الحديث ... إلي أن قال : فبينما هم كذلك إذا أوحى الله إلي عيسى بن مريم إني قد أخرجت عبادا ً لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلي الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ) .
2- قال الإمام/ نعيم بن حماد - رحمه الله - في كتابه: ( الفتن) ما نصه : ( عن الحكم بن نافع عن جراح عمن حدثه عن كعب الأحبار قال : ( يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ليس لهم ملك ولا سلطان فيسير الطير علي رؤوسهم فلا يقطعهم حتى يزحف فيسقط فيؤخذ ويمر أوائلهم ببحيرة طبرية وماؤها كهيئته فيشربونها ، ويأتيها أخرهم فيركزون فيها رماحهم ويقولون قد كان فيها مرة ماء قال : فيقول عيسى لقد جاءتكم أمة لا يطيقها إلا الله تعالى ) .
3- قال الإمام/ نعيم بن حماد - رحمه الله - أيضا ً في موضع آخر في : ( نفس المصدر السابق ) ما نصه : ( عن عبد الرازق عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي الضيف ، عن كعب الأحبار قال : وذكر الحديث ... إلي أن قال : فيدعوا عليهم - أي يأجوج ومأجوج - عيسى بن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يدين ، فأكفانهم بما شئت ، فيسلط الله عليهم دوابا ً يقال لها النغف فتفرس رقابهم ، ويبعث الله طيرا ً تأخذهم بمناقيرها فترميهم في البحر ) .
4- قال الإمام/ أبي عمر وعثمان بن سعيد الداني - رحمه الله - في كتابه : ( السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها ) ما نصه : ( عن عاصم بن حكيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عطاء بن يزيد ، عن بعض من أدرك : أن عيسى بن مريم يقتل الدجال بباب لد أو غيرها ، فينما الناس كذلك إذا أوحى الله عز وجل إلي عيسى - عليه السلام - أني قد أخرجت عبادا ً لا يدان لأحد بقتالهم فأحرز عبادي إلي الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله تعالي في كتابه: { من كل حدب ينسلون } )
5- قال الإمام/ أبي عمر وعثمان بن سعيد الداني - رحمه الله - أيضا ً في موضع آخر في : ( نفس المصدر السابق ) ما نصه : ( حدثنا أشعث بن شعبة عن أرطأة بن المنذر قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج أوحى الله عز وجل إلي عيسى بن مريم - عليه السلام - إني قد أخرجت خلقا ً من خلقي لا يطيقهم أحد غيري ، فمر بمن معك إلي جبل الطور ، ومعه من الذراري أثنا عشر ألفا ً ) .
6- قال الشيخ / حمود بن عبد الله التويجري - رحمه الله - في كتابه : ( إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة ) ما نصه : ( روي ابن عساكر في " تاريخه " حديث النواس بن سمعان مختصرا ً، وقال فيه بعد ذكر نزول عيسى بن مريم - عليه السلام - وقتل الدجال : فينما هم فرحون لما هم فيه ، خرجت يأجوج ومأجوج فيوحي الله إلي المسيح: إني قد أخرجت عبادا ً لي لا يستطيع قتلهم إلا أنا ، فأحرز عبادي إلي الطور) .
وبناء ًعلي ذلك نقول : أن مفهوم هذه الأحاديث النبوية الشريفة علي اختلاف روايتها وتعدد مصادرها عند العلماء والمفسرين والكتاب قديما ً وحديثا ً تشير إلي أمر في غاية الأهمية وهو أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج لا قدرة ولا طاقة لأحد من البشر علي سطح الأرض علي قتالهم وهزيمتهم ، ومن أجل هذا أمر الله تعالي نبيه عيسى بن مريم -عليه السلام - والمؤمنين المجاهدين الذين معه أن يذهبوا إلي جبل الطور بسيناء بأرض مصر لكي يتحصنوا خلفه من هؤلاء الهمج الرعاع ، وبهذا التصور لا يستطيع نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - والمؤمنين المجاهدين الذين معه مجابهة قوة أمم وأقوام يأجوج ومأجوج الغاشمة حتى أن الأستاذ / سعيد أيوب - رحمه الله - أخذ يفلسف هذا المفهوم في كتابه : ( المسيح الدجال قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى ) فقال : ( إن هذا الحديث وراءه حكمة بالغة ، فربما يقول قائل : إن المسيح الدجال - لعنه الله - لم يسلط عليه إلا المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - ويجعل من هذا قضية فلسفية تقود إلي درب من دروب الألهة المعتمة فكان الرد علي هذا المقولة ردا ً عليما ً تمثل في معركة يأجوج ومأجوج ، فهذه المعركة لا قدرة لأحد في إدارتها ، لا قدرة لنبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - ولا لأتباعه المؤمنين المجاهدين فالجميع امام هذا الهمج عاجز تماما ودورنبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - هو ان يذهب بالمؤمنين المجاهدين معه إلي جبل الطور ولا شيء غير هذا ) .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : كيف يتحصن نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - وأتباعه المؤمنين المجاهدين خلف جبل الطور ويتركوا هؤلاء الأشرار أمم يأجوج و ومأجوج يسعون في الأرض فسادا ً ويحتلون القدس الشريف بأرض فلسطين وهم الذين حرروها من أكبر المفسدين في الأرض المسيح الدجال وأتباعه اليهود الصهاينة - لعنهم الله - بحجة أن هؤلاء الأشرار لا قدرة لأحد علي قتالهم ولا يمكن للمسلمين أن ينتصروا عليهم ؟
وللإجابة علي ذلك نقول: أن منطق العقل لا يمكنه أن يقبل بكل بساطة أن نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - وأتباعه المؤمنين المجاهدين لا يستطيعون مجابهة أمم وأقوام يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض ، وكيف يقبل بمثل هذا المفهوم الخاطئ عنهم خاصة وأن سيوفهم لا تزال تقطر من دماء اليهود الصهاينة الذي وصفهم الله في كتابة الكريم بقوله تعالى: { ولتعلون علوا ً كبيرا ً} ، بل كيف نقبل أن هؤلاء المجاهدين ذهبوا إلي جبل الطور للتحصن به بعد ذلك النصر المبين علي اليهود الصهاينة الملاعين خوفا ًمن هؤلاء الأشرار يأجوج ومأجوج الذين خرجوا عليهم فجأة من تحت الأرض فلا يستطيعون مجابهتهم فيكتفون بالتضرع إلي الله والدعاء عليهم فقط ، إن السر الكامن وراء ذلك أن هناك عدة صفات خارقة للعادة ميز الله سبحانه وتعالى بها أمم وأقوام يأجوج ومأجوج عن سائر البشر هي التي جعلت منهم قوة لا يستطيع أحد من البشر علي وجه الأرض أن يقاتلهم ويهزمهم وهي ما يلي :
أولا ً: أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج يتصفون بالقوة والشراسة وشدة البأس والفساد في الأرض والدليل علي ذلك ما جاء في الحديث النبوي الشريف الذي رواه النواس بن سمعان أن رسول الله قال : [ فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلي عيسى بن مريم إني قد أخرجت عبادا ً لي لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلي الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ]
قول النبي : [ لا يدان لأحد بقتالهم ] أي لا قدرة ولا طاقة لأحد علي قتالهم ، وهذا دليل واضح علي أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج مختلفون عن أهل الأرض في القوة والشراسة وشدة البأس بدليل أن نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - وأتباعه المؤمنين المجاهدين قد هزموا وقتلوا المسيح الدجال وأعوانه اليهود الصهاينة الملاعين الذين هم أعتى وأشد قوة علي وجه الأرض في ذلك الوقت ، إذاً لابد أن يكون أمم وأقوام يأجوج ومأجوج الذين يسكنون تحت الأرض في باطن الأرض المجوفة ( Hollow Earth) مختلفين عن جميع البشر الذين يعيشون علي سطح الأرض ، ولذلك فقد تكفل الله تعالى وحدة بقتالهم كما جاء في الأحاديث السالفة الذكر لأنة لاقدرة ولا طاقة لأحد من خلقه على وجه الأرض على قتالهم فسلط الله عليهم داء النغف (الدودة الحلزونية Myiasis ) فيقتلهم ويهلكهم حتى تملأ جثثهم كل موضع وكل شبرعلي سطح الأرض ، فيأذون الناس برائحتهم النتنة الكريهة وهم موتى أشد مما أذوهم وهم أحياء فيستغيث نبي الله عيسى بن مريم - عليه السلام - وأصحابه بالله تعالي ، فيرسل الله عز وجل اليهم طيرا ً لكي تحمل جثثهم بعد هلاكهم إلي حيث شاء الله تعالي وهي العنقاء ( طائر النار )
وهناك عدة أدلة من السنة النبوية الشريفة تثبت أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج يتصفون بالقوة والشراسة وشدة البأس والفساد في الأرض وهي ما يلي :
1- قال الشيخ / عبد الله بن محمد بن عباس الزاهد - رحمه الله - في كتابه: ( عجائب الملكوت) ما نصه : ( ان أمير المؤمنين الإمام /علي بن أبي طالب () قال: ( أن أقوام يأجوج ومأجوج يأكلون من الحيات والعقارب وكل ذي روح ويسيحون في البلاد فلا يدعون شيئا ً أتوا عليه إلا أفسدوه وأكلوه وهم أشد فسادا ً من الجراد والآفات وإذا أقبلوا من أرض إلي أرض جلا أهلها عنها وليس يغلبون ولا يدفعون حتى لا يجد أحد من خلق الله تعالي موضعا ً لقدمه ولا يستطيع أحد أن يدنوا منهم لنجاستهم وقذارتهم حتى أن الأرض تنتن من جيفهم فبذلك غلبوا ، ويأكلون ويفترسون الدواب والوحوش كما يفترسها السباع ويأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح )
2- قال العلامة / محمد السفارينى - رحمه الله - في كتابه : ( أهوال يوم القيامة وعلاماتها الكبرى) ما نصه : (عَنْ حُذَيْفَةَ بن اليمان () ، قَالَ: ( أن يأجوج ومأجوج لا يَمُرُّونَ بِفِيلٍ وَلا وَحْشٍ وَلا جَمَلٍ وَلا خِنْزِيرٍ إِلا أَكَلُوهُ , وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَكَلُوهُ مُقَدَّمَتُهُمْ بِالشَّامِ وَسَاقَتُهُمْ بِخُرَاسَانَ يَشْرَبُونَ أَنْهَارَ الْمَشْرِقِ وَبُحَيْرَةَ الطَّبَرِيَّةِ )
هذه الصفات هي لأجناس من البشر ليسوا موجودين بيننا الآن على سطح الأرض فهم يأكلون الوحوش ويأكلون من مات منهم ، وهذا يدل على انه لم يكن يتوافر لهم الغذاء الكافي لعيشهم بعد أن سجنوا في الفترة الأولي من حياتهم تحت الردم الذي بناه عليهم النبي الملك ذي القرنين ( عليه السلام ) فأجبرهم وجودهم تحت سطح الأرض بعالم جوف الأرض الداخلي علي أكل من يموت منهم.. !!
3- قال الإمام/ نعيم بن حماد - رحمه الله - في كتابه: ( الفتن) ما نصه : ( عن الحارث عن عبد الله عن النبي قال: إذا قتل عيسى الدجال ومن معه ، مكث الناس حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض ويفسدون ولا يمرون بشيء إلا أفسدوه وأهلكوه ، ولا يمرون بماء ولا عين ولا نهر إلا نزفوه )
4- قال الشيخ / حمود بن عبد الله التويجري - رحمه الله - في كتابه : ( إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة ) ما نصه : ( عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله قال : وذكر الحديث .... إلي أن قال : فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فيطئون بلادهم فلا يأتون علي شيء إلا أهلكوه ولا يمرون علي ماء إلا شربوه )
5- قال الإمام/ القرطبي - رحمه الله - في كتابه : ( التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ) ما نصه : [ ويروي أنهم يأكلون جميع حشرات الأرض من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض ، وقيل : ومنهم من له ذنب وأنياب بارزة ويأكلون اللحوم نيئة ]
6- قال الإمام / القرطبي - رحمه الله - أيضا ً في موضع آخر في : ( نفس المصدر السابق ) ما نصه : ( قال عبد الملك : كان يأجوج ومأجوج يخرجون أيام الربيع إلي أرض القوم الذين هم قريب منهم فلا يدعون لهم شيئا ً إذا كان أخضر إلا أكلوه ولا يابسا ً إلا حملوه )
7- قال الشيخ / كمال الدين الدميري - رحمه الله - في كتابه : ( حياة الحيوان الكبرى ) ما نصه: ( قال وهب ابن منبه (): أن يأجوج ومأجوج يأكلون الحشيش والشجر والخشب وما ظفروا به من الناس، وإنهم كانوا يخرجون إلي ارض هؤلاء المساكين فلا يدعون فيها شيئا ً أخضر إلا أكلوه ، ولا يابسا ً إلا احتملوه ، وقيل : أنهم يلوطون ، وقيل : أنهم يأكلون الناس ) .
8- قال الشيخ / محمد علي الصابوني - رحمه الله - في كتابه : ( صفوة التفاسير ) في: (المجلد الثاني) ما نصه : ( أن يأجوج ومأجوج من أكلة لحوم البشر يخرجون في الربيع فلا يتركون أخضر إلا أكلوه ، ولا يابسا ً إلا احتملوه )
وبناءً علي كل ما جاء في هذه الأحاديث والآثار القوية التي وردت في السنة النبوية الشريفة يمكن أن نعرف أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج يأكلون كل شيء على سطح الأرض من كل ذي روح ممن خلق الله تعالى من إنسان وحيوان ونبات من اخضر ويابس حيث ورد عنهم أنهم يأكلون لحوم البشر، ويأكلون لحوم الوحوش والسباع ، ويأكلون لحوم الدواب ، ويأكلون لحوم جميع أنواع الطيور ، ويأكلون لحوم الزواحف ، ويأكلون الهوام وحشرات الأرض كلها، ومن مات منهم أكلوه أيضا ً ومنهم من يأكل مشائم نسائهم
ونلاحظ أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج يأكلون كل شيء خبيث فيه سموم وفتنه وشر ليتحقق فيهم الارتباط بين المخلوق وما يأكله من حيث الطبع ..!!
ثانيا ً: أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج خلق عجيب لهم قدرات خارقة للعادة ، والدليل علي ذلك أنهم يعيشون عند فتحات العيون الحامية الحارة الملتهبة بالنار التي تغرب فيها وتطلع منها الشمس الداخلية المركزية (Central Sun) التي توجد فيما بين طباق أجواف الأرضين الستة ببلاد يأجوج ومأجوج تحت سطح الأرض بعالم جوف الأرض الداخلي العظيم، ولذلك خلق الله سبحانه وتعالى أمم وأقوام يأجوج ومأجوج وجعل لهم قدرات خارقة للعادة ومن هذه القدرات التي يتميزون بها عن غيرهم أن جلودهم خشنة جدا ًلكي تساعدهم علي التكيف مع العوامل المناخية الصعبة من البرودة أوالحرارة الشديدة ليتمكنوا من العيش أسفل سطح الأرض بعالم جوف الأرض الداخلي ، ولكي ينطبق الاسم علي المسمى والصفة علي الموصوف أطلق الله سبحانه وتعالى عليهم في كتابه العزيز هذا الاسم الغريب: يأجوج ومأجوج والذي يعني لغويا ً ( أهل النار ) أو
( خلق النار ) لأنه ينطبق عليهم ويصف حالهم في الدنيا والآخرة بكل دقة..!!
ثالثا ً: كثرة أعداد أمم وأقوام يأجوج ومأجوج لدرجة هائلة تفوق الحصر والأدلة على ذلك من السنة النبوية الشريفة والآثار القوية ما يلي :
1- قال الشيخ / حمود بن عبد الله التويجري ( رحمه الله ) في كتابه : (إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة ) ما نصه : (عن عبد الله ابن عباس ()؛ قال : تلا رسول الله هذه الآية وأصحابه عنده : { يا أيُّها الناسُ اتقوا رَبكُمْ إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءُ عَظيمٌ } إلى آخر الآية ، فقال: هل تدرون أي يوم ذلك؟ قالوا : الله ورسوله أعلم؟ قال : ذلك يوم يقول الله عزّ وجلّ : يا آدم ! قم فابعث بعثا ً إلى النار فيقول : وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. فشق ذلك على القوم ، فقال رسول : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ثم قال رسول الله : اعملوا وابشروا ؛ فإنكم بين خليقتين لم يكونا مع أحد إلا كثرتاه ؛ يأجوج ومأجوج ).
قول النبي : ( إلا كثرتاه ) أي غلبتاه كثرة وهذا يدل علي كثرتهم وأن أعدادهم تفوق أعداد الناس مرارا ًعديدة ..!!
2- قال الإمام / نعيم بن حماد - رحمه الله - في كتابه: ( الفتن) ما نصه : (عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : الأرض سبعة أجزاء ، فستة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق ).
قوله: ( فستة أجزاء فيها يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق) أي أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج يسكنون في طباق الأرضين الستة التي توجد كلها في جوف أرضنا وجميع ألأجناس من البشر يسكنون في جزء واحد وهو سطح الأرض الخارجي الذي نعيش عليه وهذا الحديث يدل على كثرة أعدادهم الهائلة الى درجة تفوق الحد.. !!
3- قال الإمام / نعيم بن حماد - رحمه الله - أيضا ً في موضع آخر في : ( نفس المصدر السابق ) ما نصه : ( عن الحكم بن نافع عن جراح عمن حدثه عن كعب الأحبار قال : يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ليس لهم ملك ولا سلطان ، فيسير الطير علي رؤوسهم فلا يقطعهم حتى يزحف فيسقط فيؤخذ ويمر أوائلهم ببحيرة طبرية وماؤها كهيئته فيشربونها ويأتيها أخرهم فيركذون فيها رماحهم ويقولون لقد كان فيها مرة ماء ).
4- قال العلامة / يوسف المقدسي الشافعي السلمي ( رحمه الله ) في كتابه : ( عقد الدرر في أخبار المنتظر ) ما نصه : ( قال وهب بن منبه ، وكعب الأحبار - رضي الله عنهما - : فعند ذلك أي عند قتل عيسى بن مريم للدجال يتزوج بامرأة من العرب فيمكث ما شاء الله تعالى ثم يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، فتمتلئ الأرض منهم حتى لا يكون للطير موضع تقر فيه ) .
5- قال العلامة / يوسف المقدسي الشافعي السلمي ( رحمه الله ) أيضا ً في موضع آخر في : ( نفس المصدر السابق ) ما نصه : ( عن حذيفة بن اليمان قال رسول الله : يكون جمع منهم بالشام ، وساقتهم بخراسان فيشربون أنهار المشرق حتى تيبس ، فيحلون بيت المقدس ، وعيسي والمسلمون بالطور ، فيبعث عيسي بن مريم طليعة فيشرفون علي بيت المقدس فيرجعون إليه فيخبرونه أنه ليس تري الأرض من كثرتهم )
وبناء ًعلي ما جاء في هذه الأحاديث النبوية الشريفة والآثار القوية يمكن أن نعرف أن أمم وأقوام يأجوج ومأجوج أعدادهم كثيرة هائلة تفوق الحصروالتصورالبشري ، فلا يحصيهم ولا يعلم عددهم إلا الله تعالي، وبهذا يمكن ان نعرف أن هناك عدة صفات خارقة للعادة ميز الله سبحانه وتعالى بها أمم وأقوام يأجوج ومأجوج عن سائر البشر هي التي جعلت منهم قوة لا يستهان بها لدرجة انه لا يستطيع احد من البشر علي وجه الأرض أن يقاتلهم ويهزمهم ..!!
أسئلة كثيرة تدور فى عقولنا حول مصير" يأجوج ومأجوج" بعد ظهورهم فى آخر الزمان، فظاهر النُّصوص القرآنية تؤكد أنَّهم كلّهم كفَّار ، ومن ثمَّ مصيرهم إلى النار؛ قال تعالى: "قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ" الكهف- 94.
وروى البخارى، ومسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ".
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَأَيُّنَا ذَلِكَ الوَاحِدُ؟
قَالَ: "أَبْشِرُوا؛ فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا " رواه البخارى برقم -3348، ومسلم – 222وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أن يأجوج ومأجوج من بني آدم ، وأنهم يدخلون النار" .
ومما يدل على كفرهم وطغيانهم " إفسادهم في الأرض ، ومحاصرتهم لنبى الله عيسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين ، واعتقادهم بغلبة وقهر من في السماء" روايه الإمام مسلم" مما يدل على أنّه بلغتهم رسالة من الله ، لكنهم كفروا برسالة ربهم إليهم وعتوا عليه .
ومن خلال بحثى في مثل تلك التفاصيل وجدت أنّه لا يجوز الإنشغال بمثل هذه الإمور، ما دام قد تأصل عند المسلمين أن الله تعالى لا يٌعذب أحداً إلا بعد وصول البلاغ المبين إليه ، وقيام حجة الرسالة التى ارسلت اليهم ولم يؤمنوا بها ، وأن يأجوج ومأجوج موجودون حقيقة ، وأنّهم خارجون في آخر الزمان ، وأنهم كفار بربهم ، وسيحاربون المؤمنين ، ومثل هذه الجملة كافية فى حقهم . إذا جاء أمر الله واقتربت السّاعة خرج يأجوج ومأجوج من محبسهم وبدأوا الإفساد في الأرض، ويكون ظهورهم ترتيباً بعد ظهور المسيح الدجّال، وبعد نزول نبى الله عيسى بن مريم -عليه السّلام- ثم يظهروا في تلك الأثناء ؛ فيوحى الله -عزّ وجل- إلى عيسى -عليه السّلام- أنّهم قد انتشروا في الأرض وبدأوا يُفسدون فيها، وأنّه لا قُدرة لأحدٍ على قتالهم ومواجهتهم، فيذهب المسيح عيسى "عليه السّلام" ومن معه من المُؤمنين بأمر الله وحمايته، ويحتمون في جبل الطّور، فيقتل يأجوج ومأجوج كلّ من يلقونه ويبقى الصّالحون مع عيسى عليه السّلام مُحتَمين في جبل الطّور ومُلتفّين حوله، فيقوم قوم يأجوج ومأجوج ببناء صرح عظيم يصعدون عليه ويرمون سهاماً في السّماء، فتغيب السّهام وتعود مملوءةً بالدماء، فيقولون "قهرنا أهل الأرض وغلبنا أهل السّماء"، وهذا من شدّة فسادهم وكفرهم، فيرسل الله عليهم دوداً يخرج من خلف رؤوسهم فيقتلهم، وذلك بدعاء المؤمنين مع عيسى عليه السّلام، وتتناثر جثثهم في شتّى بقاع الأرض، بعد ذلك يُرسل الله عز وجلّ مطراً غزيراً إلى الأرض لتطهيرها من أجساد يأجوج ومأجوج بعد هلاكهم، فتُغسل الأرض منهم وتزول آثارهم بأمر الله سبحانه، ثم يأمر الله عزّ وجلّ الأرض بعد ذلك بأن تُرجِع بركاتها إليها فتُرجِعها. ومن هنا نجد أنّ الأحاديث النبوية رسمت ملامح أكثر وضوحاً عن عالم "يأجوج" و"مأجوج" وكشفت عن كثير من نواحى الغموض فيهم، فبينت أن لديهم نظاماً وقائداً يحتكمون لرأيه، وأن السد الذي حصرهم به ذو القرنين ما زال قائماً، وأنه يمنعهم من تحقيق مطامعهم في غزو الأرض وإفسادها، وقد دلت الأحاديث على أن الزمان الذى يخرجون فيه يملكون أسباب القوة ويتفوقون فيها على سائر الناس، وذلك إما لكونهم متقدمين عسكرياً ووصلوا إلى تقنيات تمكنهم من إبادة غيرهم والسيطرة على بلادهم، وإمّا لأنّ زمن خروجهم يكون بعد زوال هذه الحضارة المادية، ورجوع الناس إلى القتال بالوسائل البدائية والتقليدية... أما ترتيب خروجهم ضمن علامات الساعة الكبرى فقد دلت الأحاديث النبوية على أن الدجال عندما يخرج، ينزل المسيح عليه السلام بعده، ثم يخرج يأجوج ومأجوج، فيأمر الله عيسى عليه السلام ألاّ يقاتلهم، بل يتوجه بمن معه من المؤمنين إلى جبل الطور، فيتحصنون هناك، ويبلغ بهم الجوع مبلغا عظيماً، فيدعون الله حينئذ أن يدفع عنهم شريأجوج ومأجوج فيرسل الله عليهم الدود في رقابهم فيصبحون قتلى ، وتمتلئ الأرض بجثثهم لدرجة خروج رائحة نتنة تملأ المكان، فيرسل الله إليهم طيراً كأعناق الإبل فتحملهم وتطرحهم حيث شاء الله، بعدها يعود الأمن والأمان مرة أخرى للناس وتٌخرِج الأرض بركتها وثمرتها، ويحج المسلمون إلى البيت بعد هلاكهم، كما في الحديث : " ليحجنّ البيت وليعتمرنّ بعد خروج يأجوج ومأجوج " رواه البخاري . وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر ويؤذن للأرض في النبات فلو بذرت حبك على الصفا لنبت.. ولا تشاح" أى مشاحنات" ولا تحاسد ولا تباغض حتى يمر الرجل على الأسد ولا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره، ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض. رواه الديلمي، وأبو نعيم في الحلية. وانظر حديث رقم : 3919 في صحيح الجامع وصححه الشيخ الألبانى في السلسلة الصحيحة. يظل المؤمنون ينعمون بهذا العيش الطيب والحياة الطيبة، إلى إن يأتى الأجل المعلوم فيبعث الله ريحًا طيبة لا تؤذيهم وتأخذهم تحت آباطهم، وتقبض روحهم، ولا يبقى على الأرض إلاَّ شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر، وعلى هؤلاء تقوم الساعة." يتهارجون أى وقعوا في فتنة وتقاتل واختلاط .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس". رواه مسلم ...
كانت تلك معلومات مختصرة عن عالم " يأجوج ومأجوج" عرفنا من خلالها مبلغ الخوف الذى يصيب الناس بسبب خروج هذا الجيش الجرار، ويمتنعون معه من أداء الحج والعمرة، حتى يرفع الله هذه الغمة، ويهلك يأجوج ومأجوج، ويعيش المسلمون بعد هلاكهم في رخاء ونعمة وأمن، ويرسل الله ريحاً تأخذ نفوس المؤمنين، ويبقى في الأرض شرارها، وعليهم تقوم الساعة، وهنا تبقى كلمة:
إذا كانت نهاية كل شيء لا تبقى فيها إلا كلمة واحدة، فإن فى نهاية الزمان وفناء الحياة على وجه الأرض لا تسمع إلا كلمة واحدة جل قائلها وعز ناطقها، إنها كلمة الله العليا: لمن الملك اليوم؟
ورد ذكر يأجوج ومأجوج في الإسلام والمسيحية واليهودية، وتروي القصص الشعبية بعض الأحداث الخيالية لا علاقة لها بما جاء في الكتب الدينية، خاصة ما جاء ذكره في القرآن الكريم والسنة النبوية ورغم الظن بأن يأجوج ومأجوج ليسوا من البشر إلا أن بعض الروايات الإسلامية تؤكد بصراحة على أن يأجوج ومأجوج من ذرية آدم، فهما قبيلتان من ولد يافث أبي الترك، ويافث هذا هو ابن النبي نوح ولكن يبدو أنه كانت لهما سطوة وجبروت.
هنا لسنا بصدد الخوض في الروايات الدينية ومدلولاتها، فنترك هذا الأمر لأصحاب التخصص في هذا المجال، ونحاول إلقاء نظرة على دراسة يؤكد كاتبها أنه كشف أرض يأجوج ومأجوج، وبهذا قد ينفي دراسات نسبت يأجوج ومأجوج إلى بلدان أخرى خارج آسيا الوسطى.
قبل الانتقال إلى دراسة قام بها الباحث الأردني عبد الله شربجي في كتابه "رحلة ذو القرنين إلى المشرق"، نستكشف أسباب تسمية يأجوج ومأجوج، حيث يقول محمد بن صالح العثيمين في شرح العقيدة السفارينية إن هذه التسمية تأتي من "الأجيج، أي أجيج النّار، والنّار إذا اضطرمت اضطربت وصار لهَبُها يتداخل بعضه في بعض"، أما عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي، حاشية الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، صفحة 81، يقول "لكثرتهم وشدَّتهم، وقيل: من الأُجاج وهو الماء شديد المُلوحة. وقيل أيضا: اسمان أعْجَميّان، وقيل: "وهم لكثرتهم هكذا، وهم من ولد يافِث بن نوح باتّفاق النَسّابين".
ولكن هذا ليس نهاية المطاف في أسباب تسمية يأجوج ومأجوج، لأن الاسم نفسه موجود في اللغة العبرية، وهذا يرفد القول بأنهما اسمان أعجميان لا يصرفان، فليس لهما اشتقاق، حيث الأعجمية لا تشتق في اللغة العربية، ففي اللغة العبرية، وهي شقيقة العربية كلغة سامية "ما" في "ماجوج" تعني "في" أو "من بلاد"، وبهذا تصبح العبارة "جوج من بلاد جوج"، والنظرية الأخرى تقول إن اسم مأجوج بعد حذف الواو في العبرية كان يطلق على "بابل"، أما نظرية أخرى تقول إن التسمية هي مشتقة من عبارة صينية تعني "قارة شعب الخيل"، وهم من شعوب مجاورة للصين شمالا وغربا، وهذه النظرية تقربنا إلى دراسة الباحث الأردني عبد الله شربجي الذي يعتقد أن جمهورية قيرغيزستان التي تجاور الصين من الغرب وتكثر فيها الخيول هي أرض يأجوج ومأجوج.
"عراض الوجوه" و"صغار العيون"
والعلائم للتركيبة الظاهرية ليأجوج ومأجوج في الروايات الإسلامية تقربنا أيضا من نظرية الباحث عبد الله شربجي، حيث قال أبو الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي (735 هـ - 1335 / 807 هـ - 1405) وهو من علماء الحديث النبوي، ومؤلف كتاب مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ينقل ما رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح، وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة في المسانيد العشرة رجاله ثقات، عن خالد بن عبد الله بن حرملة عن خالته قالت: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه من لدغة عقرب فقال: "إنكم تقولون لا عدو! وإنكم لن تزالوا تقاتلون حتى يأتي يأجوج ومأجوج: عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشغاف (شعر أسود فيه حمرة) ومن كل حدب ينسلون، كأن وجوههم المجان المطرقة" (المجن هو الترس، وتشبيه وجوههم بالترس بسبب بسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها).
لو ركزنا على عبارات "عراض الوجوه" و"صغار العيون" وتشبيه وجوههم بـ"المجان المطرقة" وقارنا كل ذلك بالتسمية الصينية "قارة شعب الخيل" (توجد الخيل بكثرة في آسيا الوسطى وخاصة في قيرغيزستان) فإن الأمر يسهل علينا تأييد نظرية "عبد الله شربجي" إلى حد ما، حيث هذه الصفات يمكن إيجادها في شعوب آسيا الوسطى.
سد أو ردم ذي القرنين بين قيرغيزستان وأوزبكستان
وفي متابعة رحلة إسكندر ذي القرنين لبناء سد أو ردم ليحول "دون تســــرب يأجـــوج ومأجوج" يشير عبد الله شربجي في كتابه "رحلة ذو القرنين إلى المشرق"، إلى منطقة تقع غربي قيرغيزستان وشرقي أوزبكستان في منطقة جبلية على الحدود الفاصلة بين البلدين في آسيا الوسطى، حيث تقطن الشعوب التركية من الأوزبك والكازاخ (القزاق) والقيرغيز والتركمان والأيغور (غرب الصين) ويمتد تواجدهم إلى آذربيجان وشمال غرب إيران (المقاطعات التركية الآذرية) وتركيا.
أما "ردم" أو "سد" ذي القرنين يقع حسب نظرية عبدالله شربجي الموثقة بصور وخرائط، في منطقة تفصل الشعبين الشقيقين القيرغيزي والأوزبكي في منطقة هي أقرب من شمال غرب الصين، حيث يعتقد وجود الردم هناك حسب إحدى النظريات.
الخليفة العباسي الواثق بالله والبحث عن يأجوج ومأجوج
وهناك قصة لرحلة بهدف كشف أرض يأجوج ومأجوج قام بها "سلام الترجمان" بأمر من الخليفة العباسي الواثق بالله (232- 722م) بعد أن رأى في المنام حلماً تراءى له فيه أن السد الذي بناه ذو القــرنين للحؤول دون تسرب يأجوج ومأجوج، قد انفتح، فأفزعه ذلك، وبدأ سلام الترجمان رحلته نحو شمال آسيا بحثاً عن مكان سد ذي القرنين. ويروي الإدريسي في كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"، وابن خرداذبه في كتابه "المسالك والممالك" تلك القصة التي اعتبرها المستشرق "دي خويه" واقعة تاريخية لاشك فيها وجديرة بالاهتمام، وأيده في هذا الرأي خبير ثقة في الجغرافيا التاريخية هو "توماشك"، وفي الآونة الأخيرة يرى عالم البيزنطيات "فاسيلييف" أن سلاماً نقل ما شاهده في رحلته للخليفة العباسي بشأن السد وطمأنه بخصوص عدم تسرب "يأجوج ومأجوج"، ولتفاصيل تلك الرحلة هناك مصادر عدة يمكن لمن يرغب معرفة تفاصيلها مراجعة تلك المصادر.
عين الحمئة في قيرغيزستان!
ويرى عبدالله شربجي أن بحيرة "إيسيك كول" في "قيرغيزستان" هي "العين الحمئة" المذكورة في قصة ذي القرنين، حيث تشبه البحيرة القيرغيزية حقا شكل "العين"، حسب صور الأقمار الصناعية، وتصب بها الأنهار وتتغذى على ينابيع ساخنة وبها طين، واسمها باللغة القيرغيزية يعني "البحيرة الساخنة أو الدافئة" وهذه البحيرة لا تتجمد على مدى السنة رغم هبوط درجات الحرارة في قيرغيزستان إلى 25 درجة مئوية دون الصفر بعض الأحيان.
يصب في هذه البحيرة بحسب ما ذكره الباحث حوالي 118 نهراً وجدولاً أكبرها "Djyrgalan" و"Tyup" بالإضافة إلى الينابيع الساخنة التي ترفد هي الأخرى البحيرة بمياهها.
ولمعرفة هذا التشابه بين "العين الحمئة" و"ايسيك كول" التي هي على شاكلة العين نلقي نظرة على صورة الأقمار الصناعية لـ"ناسا" نقلا عن كتاب "رحلة ذو القرنين إلى المشرق"، حيث يمكن رؤية البحيرة كعين عملاقة من الفضاء الخارجي تقع بين سلسلة جبال شاهقة من كافة الأطراف، تحدها من الشمال جبال تدعى "ترسكي آلاتاتو" وتعني المبتعدة عن الشمس، ومن الشمال جبال تدعى "كونجي آلاتاتو" وتعني الواجهة الشمسية.
وحسب قصة "يأجوج ومأجوج" لا يعني أن شعوب آسيا الوسطى هم من نسلهم بل جاء في تفاصيلها أن ذا القرنين استطاع أن يبني ردما أي سداً من حديد ونحاس فأغلق "مكان خروج يأجوج ومأجوج" و"حجزهم وراءه" حتى لا يخرج منه "يأجوج ومأجوج" على بلاد الترك فيعيثون فيها فساداً ويهلكون الحرث والنسل.
إلى هنا نقلنا موجزا مختزلا حول "يأجوج ومأجوج" والأرض التي ظهروا فيها، وهذه المادة لا تتبنى أيا من القصص المتضاربة بهذا الخصوص، أما فيما يخص الروايات الدينية لا نجتهد فيها ونتركها لأصحاب الشأن، وهنا حاولنا البحث عن الأرض أو البلد المحتمل الذي تقول القصص والروايات إنه ضم "يأجوج ومأجوج" وأنشأ فيه ذو القرنين حفاظا على أهل تلك الأرض أي الشعب القيرغيزي وهو من الشعوب المسلمة في آسيا الوسطى يعيش في بلاد تحيطها الجبال الشاهقة المكسوة بالغابات وتتوسطها بحيرة "ايسيك كول" أو "العين الحمئة" فهذا التناغم الطبيعي يمنح البلاد جمالا مميزا يجعلها وجهة سياحية تكاد أن تكون الأرخص بين الوجهات السياحية في العالم.
يأجُوج ومأجُوج
وأما يأجوج ومأجوج فهم في الأصل قبيلتان من بني آدم من البشر كلهم كفار، وأما مكانهم فهو محجوب عن الناس في طرف من أطراف الأرض في شبه كهف، الله تعالى حجزهم عن البشر ، فلا يراهم الناس ، فلا هم يأتون إلينا ولا نحن نذهب إليهم، الصعبُ ذو القرنين عليه السلام الذي كان من أكابر الأولياء حجزهم عن البشر بقدرة الله تعالى بنى سداً، الله تعالى أعطاه من كل شئٍ سببا لأنه ولي كبير ، كانت الريح تحمله من المشرق إلى المغرب ، وذو القرنين عليه السلام بكرامةٍ أعطاه الله إياها بنى سدا جبلاً شامخاً من حديد ثم أذيب عليه النحاس فصار أمتن ، لا يستطيع أحد من البشر أن يترقاه بطريق العادة ، وهم يحاولون أن يخترقوا هذا الجبل كل يوم فلا يستطيعون ويقولون كل يوم بعد طول عملٍ وجهدٍ غدا نكمل ، فيعودون في اليوم القابل فيجدون ما فتحوه قد سد إلى أن يقولوا: غداً نكمل إن شاء الله فيعودون في اليوم القابل فيجدون ما بدؤوا به قد بقِي على حالِهِ فيُكمِلون الحفر حتى يتمكنوا من الخروج. ثم يأجوجُ ومأجوجُ لا يموتُ أحدهم حتى يلد ألفاً من صلبه أو أكثر كما ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام ، فيصير عددهم قبل خروجهم كبيراً جداً ، حتى إن البشر يوم القيامة بالنسبة لهم من حيث العدد كواحد من مائة ، الله أعلم كيف يعيشون الآن وماذا يأكلون ، وما يروى من أن آذانهم طويلةٌ ينامون على واحدة ويتغطون بالأخرى وأنهم قصار القامة فغير ثابت.
وفي أيامهم تحصل مجاعة يمرون على بحيرة طبريا التي في فلسطين فيشربونها ، فيمر آخرهم فيقول كان هنا ماءٌ ، فلا يتجرأ المسلمون لحربهم ، فيذهب سيدنا عيسى عليه السلام والمؤمنون إلى جبل الطور يدعون الله يستغيثون به منهم ، ويتضرعون إلى الله أن يُهلكهم ، فيُنـزل الله عليهم دُوداً يدخل رقبة كل واحدٍ منهم فيرميه صريعاً ميتا ، ثم الله تعالى يرسل طيورا فتحملهم وترميهم في البحر ثم ينزلُ مطرا يجرفهم الى البحر وهؤلاء بعد أن ينـزل سيدنا عيسى بمدة يظهرون .
وفي كتاب الله تعالى :في سورة الكهف
قالُوا يا ذا القرنينِ- أي قالت لهُ أُمة مِن الإِنس صالِحة .
إِن يأجُوج ومأجُوج مُفسِدُون فِي الأرضِ – إِفسادهم هُو الظلم والغشم والقتل وسائِر وُجُوه الإِفساد المعلُوم مِن البشر
فهل نجعلُ لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهُم سدا
قال اِبن جُريج عن عطاء عن اِبن عباس أجرًا عظِيمًا يعنِي أنهُم أرادُوا أن يجمعُوا لهُ مِن بينهم مالًا يُعطُونهُ إِياهُ حتى يجعل بينه وبينهم سدا فقال ذُو القرنينِ بِعِفةٍ ودِيانة وصلاح وقصد لِلخيرِ .
قال ما مكني فِيهِ ربي خيرٌ فأعِينُونِي بِقُوةٍ أجعل بينكُم وبينهُم ردمًا
” ما مكني فِيهِ ربي خير ” أي إِن الذِي أعطانِي الله مِن المُلك والتمكِين خير لِي مِن الذِي تجمعُونهُ كما قال سُليمان عليهِ السلام ” أتمُدوننِي بِمالٍ فما آتانِي الله خير مِما آتاكُم ” الآية وهكذا قال ذُو القرنينِ الذِي أنا فِيهِ خير مِن الذِي تبذُلُونهُ ولكِن ساعِدُونِي بِقُوةٍ أي بِعملِكُم وآلات البِناء والردم ما جُعِل بعضه على بعض حتى يتصِل أي وضع الشيء على الشيء مِن حِجارة أو تُراب أو نحوه حتى يقُوم مِن ذلِك حِجاب منِيع.
ويقول الله تعالى في سورة الأنبياء (96):
حتى إِذا فُتِحت يأجُوجُ ومأجُوجُ -أي حتى إِذا فُتِح سد يأجُوج ومأجُوج
وهُم مِن كُل حدبٍ ينسِلُون -قال اِبن عباس : مِن كُل شرف يُقبِلُون ; أي لِكثرتِهِم ينسِلُون مِن كُل ناحِية . والحدب هُو المُرتفِع مِن الأرض قالهُ اِبن عباس وعِكرِمة وأبُو صالِح والثورِي وغيرهم , وقِيل : ” ينسِلُون ” يخرُجُون ; وقِيل : يُسرِعُون ، أي يُسرِعُون فِي المشي إِلى الفساد .
وقد وردت أخبار بِصِفتِهِم وخُرُوجهم وأنهُم ولد يافِث:
عن عبدِ اللهِ بنِ مسعُودٍ قال لما كان ليلة أُسرِي بِرسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم لقِي إِبراهِيم ومُوسى وعِيسى فتذاكرُوا الساعة فبدءُوا بِإِبراهِيم فسألُوهُ عنها فلم يكُن عِندهُ مِنها عِلمٌ ثُم سألُوا مُوسى فلم يكُن عِندهُ مِنها عِلمٌ فرُد الحدِيثُ إِلى عِيسى ابنِ مريم فقال قد عُهِد إِلي فِيما دُون وجبتِها فأما وجبتُها–أي قِيامها – فلا يعلمُها إِلا اللهُ فذكر خُرُوج الدجالِ قال فأنزِلُ فأقتُلُهُ فيرجِعُ الناسُ إِلى بِلادِهِم فيستقبِلُهُم يأجُوجُ ومأجُوجُ وهُم مِن كُل حدبٍ ينسِلُون فلا يمُرون بِماءٍ إِلا شرِبُوهُ ولا بِشيءٍ إِلا أفسدُوهُ فيجأرُون إِلى اللهِ فأدعُو الله أن يُمِيتهُم فتنتُنُ الأرضُ مِن رِيحِهِم فيجأرُون إِلى اللهِ-الجُؤار رفع الصوت والِاستِغاثة – فأدعُو الله فيُرسِلُ السماء بِالماءِ فيحمِلُهُم فيُلقِيهِم فِي البحرِ ثُم تُنسفُ الجِبالُ وتُمد الأرضُ مد الأدِيمِ فعُهِد إِلي متى كان ذلِك كانت الساعةُ مِن الناسِ كالحامِلِ التِي لا يدرِي أهلُها متى تفجؤُهُم بِوِلادتِها قال العوامُ ووُجِد تصدِيقُ ذلِك فِي كِتابِ اللهِ تعالى (حتى إِذا فُتِحت يأجُوجُ ومأجُوجُ وهُم مِن كُل حدبٍ ينسِلُون ) ابن ماجه وأحمد وفِي الزوائِد هذا إِسناده صحِيح رِجاله ثِقات ورواهُ الحاكِم وقال هذا صحِيح الإِسناد .
عن أبِي سعِيدٍ الخُدرِي أن رسُول اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم قال تُفتحُ يأجُوجُ ومأجُوجُ فيخرُجُون كما قال اللهُ تعالى وهُم مِن كُل حدبٍ–مُرتفع مِن الأرض– ينسِلُون – يُسرِعُون-
فيعُمون-مِن العُمُوم – الأرض وينحازُ-يُقال اِنحاز القوم تركُوا مركزهم إِلى آخِرهم – مِنهُم المُسلِمُون حتى تصِير بقِيةُ المُسلِمِين فِي مدائِنِهِم وحُصُونِهِم ويضُمون إِليهِم مواشِيهُم حتى أنهُم ليمُرون بِالنهرِ فيشربُونهُ حتى ما يذرُون فِيهِ شيئًا فيمُر آخِرُهُم على أثرِهِم فيقُولُ قائِلُهُم لقد كان بِهذا المكانِ مرةً ماءٌ ويظهرُون على الأرضِ فيقُولُ قائِلُهُم هؤُلاءِ أهلُ الأرضِ قد فرغنا مِنهُم ولنُنازِلن-لنُحارِبن – أهل السماءِ حتى إِن أحدهُم ليهُز حربتهُ إِلى السماءِ فترجِعُ مُخضبةً بِالدمِ فيقُولُون قد قتلنا أهل السماءِ فبينما هُم كذلِك إِذ بعث اللهُ دواب كنغفِ الجرادِ فتأخُذُ بِأعناقِهِم فيمُوتُون موت الجرادِ يركبُ بعضُهُم بعضًا فيُصبِحُ المُسلِمُون لا يسمعُون لهُم حِسا فيقُولُون من رجُلٌ يشرِي نفسهُ وينظُرُ ما فعلُوا فينزِلُ مِنهُم رجُلٌ قد وطن نفسهُ على أن يقتُلُوهُ فيجِدُهُم موتى فيُنادِيهِم ألا أبشِرُوا فقد هلك عدُوكُم فيخرُجُ الناسُ ويخلُون سبِيل مواشِيهِم فما يكُونُ لهُم رعيٌ إِلا لُحُومُهُم فتشكرُ-تسمن وتمتلِئُ شحمًا – عليها كأحسنِ ما شكِرت مِن نباتٍ أصابتهُ قط ابن ماجه وأحمد . وفِي الزوائِد إِسناده صحِيح رِجاله ثِقات ورواهُ الحاكِم وقال صحِيح على شرط مُسلِم
عن أبِي هُريرة قال قال رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم إِن يأجُوج ومأجُوج يحفِرُون كُل يومٍ حتى إِذا كادُوا يرون شُعاع الشمسِ قال الذِي عليهِم ارجِعُوا فسنحفِرُهُ غدًا فيُعِيدُهُ اللهُ أشد ما كان حتى إِذا بلغت مُدتُهُم وأراد اللهُ أن يبعثهُم على الناسِ حفرُوا حتى إِذا كادُوا يرون شُعاع الشمسِ قال الذِي عليهِم ارجِعُوا فستحفِرُونهُ غدًا إِن شاء اللهُ تعالى واستثنوا فيعُودُون إِليهِ وهُو كهيئتِهِ حِين تركُوهُ فيحفِرُونهُ ويخرُجُون على الناسِ فيُنشِفُون الماء-ينزحُونهُ – ويتحصنُ الناسُ مِنهُم فِي حُصُونِهِم فيرمُون بِسِهامِهِم إِلى السماءِ فترجِعُ عليها الدمُ الذِي اجفظ فيقُولُون قهرنا أهل الأرضِ وعلونا أهل السماءِ فيبعثُ اللهُ نغفًا فِي أقفائِهِم فيقتُلُهُم بِها قال رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم والذِي نفسِي بِيدِهِ إِن دواب الأرضِ لتسمنُ وتشكرُ شكرًا مِن لُحُومِهِم . ابن ماجه وأحمد.
وفي صحيح مسلم :فبينما هُو كذلِك إِذ أوحى اللهُ إِلى عِيسى إِني قد أخرجتُ عِبادًا لِي لا يدانِ لِأحدٍ بِقِتالِهِم (لا قُدرة ولا طاقة) فحرز عِبادِي إِلى الطورِ (ضُمهُم واجعلهُ لهُم حِرزًا ) ويبعثُ اللهُ يأجُوج ومأجُوج وهُم مِن كُل حدبٍ ينسِلُون( الحدب النشز و ينسِلُون يمشُون مُسرِعِين( فيمُر أوائِلُهُم على بُحيرةِ طبرِية فيشربُون ما فِيها ويمُر آخِرُهُم فيقُولُون لقد كان بِهذِهِ مرةً ماءٌ ويُحصرُ نبِي اللهِ عِيسى وأصحابُهُ حتى يكُون رأسُ الثورِ لِأحدِهِم خيرًا مِن مِائةِ دِينارٍ لِأحدِكُم اليوم فيرغبُ نبِي اللهِ عِيسى وأصحابُهُ فيُرسِلُ اللهُ عليهِم النغف (وهُو دُود يكُون فِي أُنُوف الإِبِل والغنم) فِي رِقابِهِم فيُصبِحُون فرسى( قتلى)كموتِ نفسٍ واحِدةٍ ثُم يهبِطُ نبِي اللهِ عِيسى وأصحابُهُ إِلى الأرضِ فلا يجِدُون فِي الأرضِ موضِع شِبرٍ إِلا ملأهُ زهمُهُم ونتنُهُم (دسمهم ورائِحتهم الكرِيهة)فيرغبُ نبِي اللهِ عِيسى وأصحابُهُ إِلى اللهِ فيُرسِلُ اللهُ طيرًا كأعناقِ البُختِ-الإِبل- فتحمِلُهُم فتطرحُهُم حيثُ شاء اللهُ ثُم يُرسِلُ اللهُ مطرًا لا يكُن مِنهُ بيتُ مدرٍ (أي لا يمنع مِن نُزُول الماء بيت المدر بِفتحِ المِيم والدال وهُو الطين الصلب)ولا وبرٍ(أهل الوبرِ والمدرِ أي أهل البوادي والمُدنِ والقُرى) فيغسِلُ الأرض حتى يترُكها كالزلفةِ (كالمِرآةِ) ثُم يُقالُ لِلأرضِ أنبِتِي ثمرتكِ ورُدي بركتكِ فيومئِذٍ تأكُلُ العِصابةُ (الجماعة) مِن الرمانةِ ويستظِلون بِقِحفِها (مُقعر قِشرها) ويُباركُ فِي الرسلِ (اللبن) حتى أن اللقحة (القرِيبة العهد بِالوِلادةِ واللقُوح ذات اللبن) مِن الإِبِلِ لتكفِي الفِئام (وهِي الجماعة الكثِيرة) مِن الناسِ واللقحة مِن البقرِ لتكفِي القبِيلة مِن الناسِ واللقحة مِن الغنمِ لتكفِي الفخِذ (الجماعة مِن الأقارِب) مِن الناسِ فبينما هُم كذلِك إِذ بعث اللهُ رِيحًا طيبةً فتأخُذُهُم تحت آباطِهِم فتقبِضُ رُوح كُل مُؤمِنٍ وكُل مُسلِمٍ ويبقى شِرارُ الناسِ يتهارجُون فِيها تهارُج الحُمُرِ(أي يُجامِع الرجال النساء بِحضرةِ الناس كما يفعل الحمِير) فعليهِم تقُومُ الساعةُ. رواه مسلم وابن ماجه
والزلفة بِفتحِ الزاي واللام وقِيل بِتسكِينِها وقِيل بِالقافِ هِي المِرآة بِكسرِ المِيم , وقِيل المصنع الذِي يُتخذ لِجمعِ الماء , والمُراد أن الماء يعُم جمِيع الأرض فيُنظفها حتى تصِير بِحيثُ يرى الرائِي وجهه فِيها . وفِي رِواية لِمُسلِمٍ أيضًا ” فيقُولُون لقد قتلنا من فِي الأرض , هلُم فلنقتُل من فِي السماء , فيرمُون بِنُشابِهِم إِلى السماء فيرُدها الله عليهِم مخضُوبة دمًا “.
قال عبد الرزاق فِي التفسِير عن معمر عن قتادة فِي
قوله : ( حتى إِذا فُتِحت يأجُوج ومأجُوج وهُم مِن كُل حدبٍ ينسِلُون )
قال مِن كُل أكمة . ويأجُوج ومأجُوج قبِيلتانِ مِن ولد يافِث بن نُوح ,
روى اِبن مردُويهِ والحاكِم مِن حدِيث حُذيفة مرفُوعًا ” يأجُوج أُمة ومأجُوج أُمة كُل أُمة أربعمِائةِ ألف رجُل لا يمُوت أحدهم حتى ينظُر إِلى ألف رجُل مِن صُلبه كُلهم قد حمل السلاح , لا يمُرون على شيء إِذا خرجُوا إِلا أكلُوهُ , ويأكُلُون من مات مِنهُم ”
أخرج اِبن حِبان مِن حدِيث اِبن مسعُود رفعهُ ” إِن يأجُوج ومأجُوج أقل ما يترُك أحدهم لِصُلبِهِ ألفًا مِن الذرية “.
ولِلنسائِي مِن رِواية عمرو بن أوس عن أبِيهِ رفعهُ ” إِن يأجُوج ومأجُوج يُجامِعُون ما شاءُوا ولا يمُوت رجُل مِنهُم إِلا ترك مِن ذُريته ألفًا فصاعِدًا “.
وأخرج الحاكِم وابن مردويهِ مِن طرِيق عبد الله بن عمرو ” أن يأجُوج ومأجُوج مِن ذُرية آدم , ووراءهُم ثلاث أُمم – منسك، وتاويل، وتاريس- ولن يمُوت مِنهُم رجُل إِلا ترك مِن ذُريته ألفًا فصاعِدًا “.
وأخرج عبد بن حُميدٍ بِسندٍ صحِيح عن عبد الله بن سلام مِثله , وأخرج اِبن أبِي حاتِم مِن طرِيق عبد الله بن عمرو قال ” الجِن والإِنس عشرة أجزاء , فتِسعة أجزاء يأجُوج ومأجُوج وجُزء سائِر الناس “.
وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم، ولن يموت منهم رجل إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً، وإن من ورائهم ثلاث أمم: تاويل وتاريس ومنسك“.رواه الطبراني في الكبير والأوسط.
عن زينب بِنتِ جحشٍ أن النبِي صلى اللهُ عليهِ وسلم دخل عليها فزِعًا يقُولُ لا إِله إِلا اللهُ ويلٌ لِلعربِ مِن شر قد اقترب فُتِح اليوم مِن ردمِ يأجُوج ومأجُوج مِثلُ هذِهِ وحلق بِإِصبعِهِ الإِبهامِ والتِي تلِيها قالت زينبُ بِنتُ جحشٍ فقُلتُ يا رسُول اللهِ أنهلِكُ وفِينا الصالِحُون قال نعم إِذا كثُر الخبثُ رواه البخاري ومسلم وغيرهما
عن أبِي هُريرة عن النبِي صلى اللهُ عليهِ وسلم قال فُتِح اليوم مِن ردمِ يأجُوج ومأجُوج مِثلُ هذِهِ وعقد وُهيبٌ بِيدِهِ تِسعِين . رواه البخاري ومسلم وأحمد واللفظ لمسلم
عن أُم حبِيبة عن زينب بِنتِ جحشٍ رضِي اللهُ عنهُما أنها قالت
استيقظ النبِي صلى اللهُ عليهِ وسلم مِن النومِ مُحمرا وجهُهُ يقُولُ لا إِله إِلا اللهُ ويلٌ لِلعربِ مِن شر قد اقترب فُتِح اليوم مِن ردمِ يأجُوج ومأجُوج مِثلُ هذِهِ وعقد سُفيانُ تِسعِين أو مِائةً قِيل أنهلِكُ وفِينا الصالِحُون قال نعم إِذا كثُر الخبثُ رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه
قوله ( إِن النبِي صلى الله عليهِ وسلم دخل عليها يومًا فزِعًا )
بِفتحِ الفاء وكسر الزاي , فِي رِواية اِبن عُيينة ” اِستيقظ النبِي صلى الله عليهِ وسلم مِن النوم مُحمرا وجهه يقُول ” فيُجمع على أنهُ دخل عليها بعد أن اِستيقظ النبِي صلى الله عليهِ وسلم فزِعًا , وكانت حُمرة وجهه مِن ذلِك الفزع , وجُمِع بينهُما فِي رِواية سُليمان بن كثِير عن الزهرِي عِند أبِي عوانة فقال ” فزِعًا مُحمرا وجهه ” .
قوله ( ويل لِلعربِ مِن شر قد اِقترب ) خُص العرب بِذلِك لِأنهُم كانُوا حِينئِذٍ مُعظم من أسلم , والمُراد بِالشر ما وقع بعدهُ مِن قتل عُثمان , ثُم توالت الفِتن حتى صارت العرب بين الأُمم كالقصعةِ بين الأكلة كما وقع فِي الحدِيث الآخر ” يُوشِك أن تداعى عليكُم الأُمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ” وأن المُخاطب بِذلِك العرب , قال القُرطُبِي : ويحتمِل أن يكُون المُراد بِالشر ما أشار إِليهِ فِي حدِيث أُم سلمة ” ماذا أُنزِل الليلة مِن الفِتن وماذا أُنزِل مِن الخزائِن ” فأشار بِذلِك إِلى الفُتُوح التِي فُتِحت بعدهُ فكثُرت الأموال فِي أيدِيهم فوقع التنافُس الذِي جر الفِتن , وكذلِك التنافُس على الإِمرة , فإِن مُعظم ما أنكرُوهُ على عُثمان تولِية أقارِبه مِن بنِي أُمية وغيرهم حتى أفضى ذلِك أن قتله , وترتب على قتله مِن القِتال بين المُسلِمِين ما اُشتُهِر واستمر .
قوله ( فُتِح اليوم مِن ردم يأجُوج ومأجُوج ) المُراد بِالردمِ السد الذِي بناهُ ذُو القرنينِ قوله ( مِثل هذِهِ وحلق بِأُصبُعيهِ الإِبهام والتِي تلِيها ) أي جعلهُما مِثل الحلقة.
وقد جاء فِي خبر مرفُوع ” إِن يأجُوج ومأجُوج يحفِرُون السد كُل يوم ” وهُو فِيما أخرجهُ الترمِذِي وحسنهُ وابن حِبان والحاكِم وصححاهُ مِن طرِيق قتادة عن أبِي رافِع عن أبِي هُريرة رفعهُ فِي السد ” يحفِرُونهُ كُل يوم حتى إِذا كادُوا يخرِقُونهُ قال الذِي عليهِم اِرجِعُوا فستخرِقُونهُ غدًا فيُعِيدهُ الله كأشد ما كان , حتى إِذا بلغ مُدتهم وأراد الله أن يبعثهُم قال الذِي عليهِم اِرجِعُوا فستخرِقُونهُ غدًا إِن شاء الله واستثنى , قال فيرجِعُون فيجِدُونهُ كهيئتِهِ حِين تركُوهُ فيخرِقُونهُ فيخرُجُون على الناس ” الحدِيث .
وأخرج اِبن أبِي حاتِم وابن مردويهِ مِن طرِيق اِبن عمرو بن أوس عن جدهِ رفعهُ ” أن يأجُوج ومأجُوج لهُم نِساء يُجامِعُون ما شاءُوا وشجر يُلقحُون ما شاءُوا ” الحدِيث .
وقد أخرج عبد بن حُميدٍ مِن طرِيق كعب الأحبار نحو حدِيث أبِي هُريرة وقال فِيهِ ” فإِذا بلغ الأمر ألقى على بعض ألسِنتهم نأتِي إِن شاء الله غدًا فنفرُغ مِنهُ ” .
قوله ( قال : نعم إِذا كثُر الخبث ) بِفتحِ المُعجمة والمُوحدة ثُم مُثلثة , فسرُوهُ بِالزنا وبِأولادِ الزنا وبِالفُسُوقِ والفُجُور , وهُو أولى لِأنهُ قابلهُ بِالصلاحِ .
عن النواس بن سمعان يقُولُ قال رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم سيُوقِدُ المُسلِمُون مِن قِسِي–جمع قوس – يأجُوج ومأجُوج ونُشابِهِم -السهام– وأترِستِهِم سبع سِنِين . ابن ماجه.
وأخرج الحاكِم مِن طرِيق أبِي حازِم عن أبِي هُريرة نحوه فِي قِصة يأجُوج ومأجُوج وسنده صحِيح , وعِند عبد بن حُميدٍ مِن حدِيث عبد الله بن عمرو ” فلا يمُرون بِشيءٍ إِلا أهلكُوهُ ” .
عنِ ابنِ حرملة عن خالتِهِ قالت
خطب رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم وهُو عاصِبٌ إِصبعهُ مِن لدغةِ عقربٍ فقال إِنكُم تقُولُون لا عدُو وإِنكُم لا تزالُون تُقاتِلُون عدُوا حتى يأتِي يأجُوجُ ومأجُوجُ عِراضُ الوُجُوهِ صِغارُ العُيُونِ شُهبُ-غلب بياضُه سواده- الشعافِ–شعور رؤوسهم- مِن كُل حدبٍ ينسِلُون كأن وُجُوههُم المجان المُطرقةُ– أي التراس التي أُلبِستِ العقب شيئاً فوق شيء أراد أنهم عِراضُ الوُجوه غِلاظها- . أحمد
عن أبِي سعِيدٍ الخُدرِي رضِي اللهُ عنهُ عن النبِي صلى اللهُ عليهِ وسلم قال ليُحجن البيتُ وليُعتمرن بعد خُرُوجِ يأجُوج ومأجُوج .رواه البخاري وأحمد وابن خزيمة
وفي رواية قال: لا تقُومُ الساعةُ حتى لا يُحج البيتُ
أخرج عبد بن حُميدٍ حديثا ولفظه ” إِن الناس ليحُجون ويعتمِرُون ويغرِسُون النخل بعد خُرُوج يأجُوج ومأجُوج ” .
عن أبِي سعِيدٍ قال قال رسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم يقُولُ اللهُ يا آدمُ فيقُولُ لبيك وسعديك والخيرُ فِي يديك قال يقُولُ أخرِج بعث النارِ قال وما بعثُ النارِ قال مِن كُل ألفٍ تِسع مِائةٍ وتِسعةً وتِسعِين فذاك حِين يشِيبُ الصغِيرُ
وتضعُ كُل ذاتِ حملٍ حملها وترى الناس سُكارى وما هُم بِسُكارى ولكِن عذاب اللهِ شدِيدٌ فاشتد ذلِك عليهِم فقالُوا يا رسُول اللهِ أينا ذلِك الرجُلُ قال أبشِرُوا فإِن مِن يأجُوج ومأجُوج ألفًا ومِنكُم رجُلٌ ثُم قال والذِي نفسِي بِيدِهِ إِني لأطمعُ أن تكُونُوا ثُلُث أهلِ الجنةِ قال فحمِدنا الله وكبرنا ثُم قال والذِي نفسِي بِيدِهِ إِني لأطمعُ أن تكُونُوا شطر أهلِ الجنةِ إِن مثلكُم فِي الأُممِ كمثلِ الشعرةِ البيضاءِ فِي جِلدِ الثورِ الأسودِ أو الرقمةِ فِي ذِراعِ الحِمارِ رواه البخاري ومسلم
قوله ( فيقُول لبيك وسعديك والخيرُ فِي يديك )
فِي الِاقتِصارِ على الخيرِ نوعُ تعطِيفٍ ورِعايةٌ لِلأدبِ وإِلا فالشر أيضًا بِتقدِيرِ اللهِ كالخيرِ . قوله ( أخرِج بعث النارِ ) فِي حدِيث أبِي هُريرة ” بعث جهنم مِن ذُريتِك ” وفِي رِواية أحمد ” نصِيب ” بدل ” بعثٍ ” والبعثُ بِمعنى المبعُوثِ وأصلها فِي السرايا التِي يبعثُها الأمِيرُ إِلى جِهةٍ مِن الجِهات لِلحربِ وغيرها ومعناها هُنا ميز أهل النارِ مِن غيرهم وإِنما خص بِذلِك آدم لِكونِهِ والِد الجمِيعِ ولِكونِهِ كان قد عرف أهل السعادة مِن أهل الشقاء فقد رآهُ النبِي صلى الله عليهِ وسلم ليلة الإِسراءِ وعن يمِينِهِ أسوِدةٌ وعن شِماله أسوِدةٌ الحدِيث كما فِي حدِيث الإِسراء .
قوله ( قال وما بعثُ النارِ ) الواوُ عاطِفةٌ على شيءٍ محذُوفٍ تقدِيرُهُ سمِعت وأطعت وما بعثُ النارِ أي وما مِقدارُ مبعُوثِ النارِ وفِي حدِيثِ أبِي هُريرة ” فيقُولُ يا رب كم أُخرِجُ ” . قوله ( مِن كُل ألفٍ تِسعمِائةٍ وتِسعةً وتِسعِين ) فِي حدِيث أبِي هُريرة ” مِن كُل مِائةٍ تِسعةً وتِسعِين ” قال الإِسماعِيلِي : فِي حدِيث أبِي سعِيد ” مِن كُل ألفٍ واحِدٌ ” وعِند مُسلِم رفعهُ ” يخرُجُ الدجالُ – إِلى أن قال – ثُم يُنفخُ فِي الصور أُخرى فإِذا هُم قِيامٌ ينظُرُون ثُم يُقالُ : أخرِجُوا بعث النارِ ” وفِيهِ ” فيُقال مِن كُل ألفٍ تِسعُمِائةٍ وتِسعةٌ وتِسعُون . فذاك يومٌ يجعلُ الوِلدان شِيبا ” .
وأجاب الكرمانِي بِأن مفهُوم العددِ لا اِعتِبار لهُ فالتخصِيص بِعددٍ لا يدُل على نفيِ الزائِدِ والمقصُود مِن العددينِ واحِدٌ وهُو تقلِيلُ عددِ المُؤمِنِين وتكثِيرُ عددِ الكافِرِين .
قوله ( فذاك حِين يشِيبُ الصغِيرُ وتضعُ , وساق إِلى قوله شدِيد )
ظاهِره أن ذلِك يقع فِي الموقِف وقد اُستُشكِل بِأن ذلِك الوقت لا حمل فِيهِ ولا وضع ولا شيب ومِن ثم قال بعضُ المُفسرِين إِن ذلِك قبل يوم القِيامةِ لكِن الحدِيث يرُد عليهِ وأجاب الكرمانِي بِأن ذلِك وقع على سبِيلِ التمثِيلِ والتهوِيل وسبق إِلى ذلِك النووِي فقال : فِيهِ وجهانِ لِلعُلماءِ فذكرهُما وقال : التقدِير أن الحال ينتهِي أنهُ لو كانت النساء حِينئِذٍ حوامِل لوضعت كما تقُولُ العربُ ” أصابنا أمرٌ يشِيبُ مِنهُ الولِيدُ
قال اللهُ تعالى ( فإِنما هِي زجرةٌ واحِدةٌ فإِذا هُم بِالساهِرةِ ) يعنِي أرض الموقِف وقال تعالى ( يومًا يجعلُ الوِلدان شِيبًا السماءُ مُنفطِرٌ بِهِ ) والحاصِلُ أن يوم القِيامة يُطلق على ما بعد نفخةِ البعثِ مِن أهوالٍ وزلزلةٍ وغير ذلِك إِلى آخِر الِاستِقرار فِي الجنة أو النار .
ونُقِل عن الحسن البصرِي فِي هذِهِ الآية : المعنى أن لو كان هُناك مُرضِعة لذهلت .
قوله ( فاشتد ذلِك عليهِم ) فِي حدِيث اِبن عباس ” فشق ذلِك على القوم ووقعت عليهِم الكآبة والحُزن ” وفِي حدِيث عِمران عِند الترمِذِي مِن رِواية اِبن جُدعان عن الحسن ” فأنشأ المُؤمِنُون يبكُون ” ومِن رِواية قتادة عن الحسن ” فنُبِس القوم حتى ما أبدوا بِضاحِكةٍ ” ونُبِس بِضم النون وكسر المُوحدة بعدها مُهملة معناهُ تكلم فأسرع , وأكثر ما يُستعمل فِي النفي , وفِي رِواية شيبان عن قتادة عِند اِبن مردويهِ ” أبلسُوا ” وكذا لهُ نحوه مِن رِواية ثابِت عن الحسن .
قوله ( وأينا ذلِك الرجُل ) قال الطيبِي : يحتمِل أن يكُون الِاستِفهام على حقِيقته , فكان حق الجواب أن ذلِك الواحِد فُلان أو من يتصِف بِالصفةِ الفُلانِية , ويحتمِل أن يكُون اِستِعظامًا لِذلِك الأمر واستِشعارًا لِلخوفِ مِنهُ , فلِذلِك وقع الجواب بِقولِهِ ” أبشِرُوا ” ووقع فِي حدِيث أبِي هُريرة ” فقالُوا يا رسُول الله إِذا أُخِذ مِنا مِن كُل مِائة تِسعة وتِسعُون فماذا يبقى ” وفِي حدِيث أبِي الدرداء ” فبكى أصحابه ” .
قوله ( فقال أبشِرُوا ) فِي حدِيث اِبن عباس اِعملُوا وأبشِرُوا , وفِي حدِيث عِمران مِثله , ولِلترمِذِي مِن طرِيق اِبن جُدعان ” قارِبُوا وسددُوا ” ونحوه فِي حدِيث أنس .
قوله ( فإِن مِن يأجُوج ومأجُوج ألفًا ومِنكُم رجُل ) والمُراد أن مِن يأجُوج ومأجُوج تِسعمِائةٍ وتِسعةً وتِسعِين أو ألفًا إِلا واحِدًا , وأما قوله ” ومِنكُم رجُل ” تقدِيره والمُخرج مِنكُم أو ومِنكُم رجُل مُخرج , ووقع فِي بعض الشرُوح أن لِبعضِ الرواة ” فإِن مِنكُم رجُلًا ومِن يأجُوج ومأجُوج ألفًا ” ووقع فِي حدِيث اِبن عباس ” وإِنما أُمتِي جُزءٌ مِن ألفِ جُزءٍ “.
قال الطيبِي : فِيهِ إِشارةٌ إِلى أن يأجُوج ومأجُوج داخِلُون فِي العددِ المذكُورِ والوعِيد كما يدُل قوله ” رُبُع أهلِ الجنةِ ” على أن فِي غير هذِهِ الأُمة أيضًا مِن أهل الجنةِ , وحاصِلُهُ أن الإِشارة بِقولِهِ ” مِنكُم ” إِلى المُسلِمِين مِن جمِيعِ الأُممِ , وقد أشار إِلى ذلِك فِي حدِيثِ اِبن مسعُود بِقولِهِ ” إِن الجنة لا يدخُلُها إِلا نفسٌ مُسلِمةٌ ” .
قوله ( ثُم قال والذِي نفسِي بِيدِهِ إِني لأطمعُ أن تكُونُوا ثُلُث أهلِ الجنةِ )
وفِي حدِيث اِبن مسعُود ” أترضون أن تكُونُوا رُبُع أهلِ الجنةِ ” وكذا فِي حدِيث اِبن عباس .قوله صلى الله عليهِ وسلم : ( كالرقمةِ فِي ذِراع الحِمار ) هِي بِفتحِ الراء وإِسكان القاف , قال أهل اللغة : الرقمتانِ فِي الحِمار هُما الأثرانِ فِي باطِن عضُديهِ , وقِيل : هِي الدائِرة فِي ذِراعيهِ , وقِيل : هِي الهنة الناتِئة فِي ذِراع الدابة مِن داخِل . والله أعلم بِالصوابِ .
قولُهُ : ( وقال رجُل لِلنبِي صلى الله عليهِ وسلم رأيت السد مِثل البُرد المُحبر قال رأيته )
وصلهُ اِبن أبِي عُمر مِن طرِيق سعِيد بن أبِي عرُوبة عن قتادة عن رجُل مِن أهل المدِينة أنهُ ” قال لِلنبِي صلى الله عليهِ وسلم : يا رسُول الله قد رأيت سد يأجُوج ومأجُوج , قال : كيف رأيته ؟ قال مِثل البُرد المُحبر طرِيقة حمراء وطرِيقة سوداء . قال : قد رأيته ” .
ساهم فى نشر الموضوع ليكون صدقة جارية لك.
رابط الموضوع:
لاضافة الموضوع في مدونتك او المنتدى:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق