يشاهد الناس فى واقعنا المعاصر سقوط كثير من الشيوخ تحت بيادة العسكر وتمرغهم في التذلل أمام حكم الطغاة والعسكر المجرمين بطرق متنوعة ونفاق في الفتاوى بلا حدود
. لكن التاريخ كتب بحروف من نور مجد لشيوخ كرام ارغموا أنف حكم الطغاة والعسكر،
وهنا التاريخ يسارع ويقول لك إن على رأسهم سلطان العلماء العز بن عبد السلام
الذى جعل مصلحة الدين فوق الحاكم وقادة العسكر
ولم يمنعه قوة سيف السلطان ولا بطش عسكره من إنكار المنكر.
اشتهر باسم العزّ بن عبد السلام سلطان العلماء وبائع الملوك والأمراء وُلد في دمشق عام 578 هـ وتوفي سنة 660هـ في مصر،
سيرته في الصدع بالحق وانكار المنكر طغت على سيرته العلمية رغم أنه بلغ مرتبة الإجتهاد
ولكن كما قيل إن العلم هوالعمل، ومواقف سلطان العلماء العز بن عبد السلام مع طغيان الحكام و قادة العسكر تعلم كل العلماء والدعاة كيف يكونوا دعاة وعلماء بحق لاترهبهم السجون ولا البطش ولا اغراء بمنصب أومال
الموقف الأول في مواجهة الظلم:
حين تعاون الصالح إسماعيل حاكم دمشق مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر مقابل أن يعطي الصليبيين مدينتي صيدا والشقيف والسماح لهم بشراء السلاح من دمشق
وهنا يقف الشيخ العز بن عبد السلام يصدع بكلمة الحق فهاجم الصالح إسماعيل بشدة على المنابر
ولم يقل بالسكوت من أجل الفتنة يا اخى كما يردد المرجفون اليوم
ولا حتى لا نقف في طابور اللجوء نقف في طابور تأييد الطغاة.كمافعل برهامى
ولا نفاق الهلالى الضلالى الذى وصف السيسى السفاح انه رسول!!!!!
وصعد العز بن عبد السلام المنبر وأصدر فتوى قال فيها بكل وضوح وقوة (إن الحاكم الصالح إسماعيل لا يمتلك المدن الإسلامية ليتنازل عنها للصليبيين ولا يجوز بيع السلاح للصليبيين لأنه معروف أنهم سيقتلون بها إخوانهم من المسلمين)
ثم ختم خطبته بالدعاء
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً ، تعز به وليك ، وتذل فيه عدوك ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهى فيه عن المنكر،
ثم نزل من على المنبر
(( فى السعودية شيخ اسمه صالحالسدلان سمعته بنفسى فى تسجيل يقول للناس فى خطبته: يامن تنتقدون ولاة الأمر بالتغريد اوالفيس بوك اوالمظاهرات او بغيرها(وعدد مالاحصر له )والأعجب قال أو حتى سكتم عن من ينكر ورضيتم انتم عصاه عصاه عصاه لله ولرسوله!
ويجب قتلكم وابادتكم عن بكرة ابيكم !!!!!!!!! ))
حين سمع السلطان بفتوى العز بن عبد السلام قام السلطان بعزله من كل مناصبه
، فلم يبالى العز بن عبد السلام مطلقا ولم يقم باتصالات مع شاويش أو ضابط من أجل عودته للخطابة
كما يفعل المصابون بمرض المصلحة فقد كان العز بن عبد السلام يعلم أن المصلحة هي مصلحة الإسلام
وقد حدث موقف عجيب فقد أرسل السلطان للشيخ رسول من ديوان الملكي،
وذهب رسول الصالح إسماعيل إلى العز بن عبد السلام
وقال له: بينك وبين أن تعود إلى مناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان وتُقبل يده لا غير،!!
فرد عليه العز بن عبد السلام في كبرياء وعزة قائلًا؛:-
( والله يا مسكين ما أرضاه أن يُقبل يدي فضلًا أن أقبل يده يا قوم أنتم في واد وأنا في واد والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به)
، فغضب الحاكم الصالح إسماعيل وأصر على عزله من القضاء ثم أمر باعتقاله ثم أخرجه تحت ضغط الجماهير المحبة للحق التى تعلم أن مصلحة الدعوة في الجهر بالحق
وليس بالرقص أمام لجان السفاح السيسي أو تويتات تأييد الطاغية.
خرج الشيخ العز بن عبد السلام مهاجرا من دمشق وقد قارب على السبعين من عمره ولم يفكر في شيخوخته وأولاده بل كان تفكيره مصلحة الإسلام فقط،
وصل العز بن عبد السلام إلى مصر واستقبله الحاكم نجم الدين أيوب واحتفى به وولاه منصب القضاء والخطابة في مسجد عمرو بن العاص،
ولكن الشيخ لا تثنيه المناصب عن مواجهة الباطل فقد لاحظ أن المناصب الكبرى والولايات العامة وأمراء الجيش يعني محافظين وزراء ورؤساء هيئات كانت كلها للماليك العسكر الذين اشتراهم نجم الدين قبل ذلك فكان الحكم كله في أيديهم ومنهم من لم يثبت تحرره من الرق، وهو كبير قضاة مصر في ذلك الوقت.
أصدر العز بن عبد السلام فتوى{ أن المماليك العسكر في حكم العبيد ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار وعدم جواز ولايتهم وبالتالي عزلهم جميعا من مناصبهم}
يا لها من فتوى ثورة في ذاتها ومواجهة نارية مع العسكر والدولة العميقة، غضب المماليك العسكر بشدة وتوجهوا نحو سلطان العلماء العز بن عبد السلام لمحاولة إقناعه بالتخلي عن فتواه
لكنه رفض وأصر على موقفه،
وقرر المماليك العسكر رفع الأمر للحاكم نجم الدين
، فرفض الحاكم كلام الشيخ وحاول أن يؤثر عليه ليغير فتواه فلم يأتمر الشيخ بأمره.
لم يأسر الشيخ معروف الصالح نجم الدين ايوب بتوليته منصب كبير قضاء مصر
بل قال له بكل وضوح: ألا يتدخل في شئون القضاء،
[وهنا راجعوا مواقف القضاة والمحكمة الدستورية في مصر وبلاد العرب خاصة وأحكامهم في قضايا ملفقة للأحرار بالسجن والإعدام وتأييدهم لكل ظلم لتعلموا الفارق،]
وعندما وجد الشيخ أن كلامه لا يسمع خلع نفسه من منصبه بالقضاء ولم تراوده نفسه ان يحافظ على الامتيازات وكارنيه القضاة والحصانة
فالشيخ بن عبد السلام يعلم أن المصلحة هى مصلحة الدين وقرر الرحيل عن مصر وركب حمارته واستعد للرحيل
وقال( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها،)
وهنا خرج الآلاف من أهل مصر خلف الشيخ تأييدا له بل وقرر الصالحين من العلماء الرحيل معه.
ولما علم الحاكم الصالح أيوب وكان على دين بذلك أسرع بنفسه للشيخ لإسترضائه لكن الشيخ لم يقبل باسترضاء الحاكم
بل بكل حسم اشترط على السلطان أن يبيعوا المماليك وبعد ذلك يتم عتقهم،
ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء من قبل كان من بيت مال المسلمين فلابد أن يرد المال إلى بيت مال المسلمين وتم بيعهم
لذلك أطلق على الشيخ العز بن عبد السلام بائع الأمراء
وقد نصحه أحد أبنائه قائلا :يا أبى إني أخاف عليك من بطش أمراء المماليك
فرد عليه الشيخ الجليل بقوله( أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله.؟!! )
ويستمر الشيخ في مواجهة العسكر بالحق ولا يبالي
ويصدر فتوى بسقوط عدالة وشهادة نائب السلطان الأمير فخر الدين القائد العسكري للقوات الخاصة بسبب قيامه ببناء مبنى للطبل والغناء قريب من جامع بالقاهرة
وقد ظل الأمير فخر الدين ساقط الشهادة حتى مات،
واليوم بعض الشيوخ يتقربون لكل سواقط العدالة بل خرج أحدهم علانية وهو عبد العزيز الريس الذى قال
[لو أن الحاكم زنى علانية لا تنكر عليه.]
ويتواصل جهاد العز بن عبد السلام للحق،
في يوم جمع قطز القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم فيما يلزم لمواجهة التتار وأن بيت المال بحاجة إلى أموال الشعب ليتمكن من الجهاد ووافقه جُلّ الحاضرين على جباية الضرائب لهذا الأمر ولم يذْكروا ما عند الأمراء من أموال
. وعندئذ تكلم العز بن عبد السلام وكان عمره وقتها ثمانون عاما
لم يقل "تجمع أموال الشعب لصندوق تحيا مصر وعلى الشعب أن يتحمل الغلاء أو فرض ضرائب جديدة على الشعب" بل أصدر الشيخ فتواه المزلزلة بالحق لكل باطل
فقال (إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب قتالهم وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء وبشرط أن يؤخذ كل ما لدى السلطان والأمراء من أموال وذهب وجواهر وحُليّ ويقتصر الجند على سلاحهم ومركوبهم ويتساووا والعامة)
وهنا تلعثم العسكر واضطربوا فقد زلزلتهم الفتوى وقهرتهم ولكنهم لا يستطيعون تلفيق قضية عسكرية للشيخ وسجنه كما يفعل عسكر اليوم فعسكر المماليك كانوا مسلمين يحترمون العلماء
ولكن عسكر 52والسيسى يقتلون العلماء وبحاولون هدم قبر سلطان العلماء ولكن لن تهدم سيرته ولاتاريخه العظيم
قال عنه السبكي:( شيخ الإسلام والمسلمين وأحد الأئمة الأعلام سلطان العلماء إمام عصره بلا مدافعة القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه المطلع على حقائق الشريعة وغوامضها العارف بمقاصدها ولم ير مثل نفسه ولا رأى من رآه مثله علمًا وورعًا وقيامًا في الحق وشجاعة وقوة جنان وسلاطة لسان.)
رضى الله عن سلطان العلماء العز بن عبد السلام.
كتبه :ممدوح اسماعيل
ساهم فى نشر الموضوع ليكون صدقة جارية لك.
رابط الموضوع:
لاضافة الموضوع في مدونتك او المنتدى:
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق